تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{كَمَآ أَخۡرَجَكَ رَبُّكَ مِنۢ بَيۡتِكَ بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ لَكَٰرِهُونَ} (5)

قوله : { كما أخرجك ربك من بيتك بالحق } ، وذلك أن عير كفار قريش جاءت من الشام تريد مكة فيها أبو سفيان بن حرب ، وعمرو بن العاص ، وعمرو بن هشام ، ومخرمة بن نوفل الزهري ، في العير ، فبلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدهم ، فبعثوا عمرو بن ضمضم الغفاري إلى مكة مستغيثا ، فخرجت قريش ، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم عدى بن أبي الزغفاء عينا على العير ؛ ليعلم أمرهم ، ونزل جبريل ، عليه السلام ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعير أهل مكة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : "إن الله يعدكم إحدى الطائفتين ، إما العير ، وإما النصر والغنيمة ، فما ترون ؟" فأشاروا عليه ، بل نسير إلى العير ، وكرهوا القتال ، وقالوا : إنا لم نأخذ أهبة القتال ، وإنما نفرنا إلى العير ، ثم أعاد النبي صلى الله عليه وسلم المشورة ، فأشاروا عليه بالعير .

فقال سعد بن عبادة الأنصاري يا رسول الله ، انظر أمرك فامض له ، فوالله لو سرت بنا إلى عدن ما تخلف عنك رجل من الأنصار ، ففرح النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى عرف السرور في وجهه ، فقال المقداد بن الأسود الكندي إنا معك ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهم معروفا ، فأنزل الله عز وجل : { كما أخرجك ربك من بيتك بالحق } { وإن فريقا من المؤمنين لكارهون } [ آية :5 ] للقتال ، فلذلك { فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم } في أمر الغنيمة ، فيها تقديم .