تفسير الأعقم - الأعقم  
{كَمَآ أَخۡرَجَكَ رَبُّكَ مِنۢ بَيۡتِكَ بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ لَكَٰرِهُونَ} (5)

{ كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون } وذلك " أن عير قريش أقبلت من الشام فيها تجارة عظيمة ومعها أربعون راكباً منهم أبو سفيان وعمرو بن العاص وعمرو بن هشام ، فأخبر جبريل ( عليه السلام ) رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أصحابه ، فأعجبهم تلقي العير لكثرة الخير وقلّة القوم فلما خرجوا بلغ أهل مكة خروجهم فنادى أبو جهل فقال : النجاء النجاء فوق الكعبة أموالكم إن أصابها محمد لن تفلحوا بعدها أبداً ، وقد رأت أخت العباس بن عبد المطلب رؤيا ، فخرج أبو جهل بجميع أهل مكة فمضى بهم إلى بدر ، وكانت العرب تجتمع فيها لسوقهم يوماً في السنة ، ونزل جبريل ( عليه السلام ) فقال : يا محمد إن الله وعدك إحدى الطائفتين إما العير وإما قريشاً ، فاستشار النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أصحابه وقال : " ما تقولون إن القوم قد خرجوا من مكة على كل صعب وذلول فالعير أحب إليكم أم النفير ؟ " قالوا بل العير أحب إلينا من لقاء العدوّ ، فتغير وجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم رد عليهم وقال : " إن العير قد مضت على ساحل البحر وهذا أبو جهل قد أقبل " فقالوا : يا رسول الله عليك بالعير وذر العدوّ ، فغضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقام إليه رجال من الصحابة ، ثم قام اليه سعد بن عبادة ، ثم قام المقداد بن عمرو وقال : يا رسول الله امضِ لما أمرك الله فأنا معك حيث أحببت ، ولا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى بن عمران : { اذهب أنت وربك فقاتلا إنَّا ها هنا قاعدون } ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون ما دامت عين منَّا تطرف ، فضحك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال : " سيروا على بركة الله وابشروا ان الله قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني أرى مصارع القوم " ، وروي أن سعد بن معاذ قال : امضِ يا رسول الله لما أردت فوالذي بعثك بالحق نبياً لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ، وما تخلف منا رجل واحدٌ ، وانا لصبر عند اللقاء والحروب ، ولعل الله تعالى يريك منَّا ما تقرّ به عينك ، ففرح بذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال : " سيروا على بركة الله وابشروا "