غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{كَمَآ أَخۡرَجَكَ رَبُّكَ مِنۢ بَيۡتِكَ بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ لَكَٰرِهُونَ} (5)

1

قوله عز من قائل { كما أخرجك } يقتضي تشبيه شيء بهذا الإخراج وذكروا فيه وجوهاً : الأوّل : أن المشبه محذوف تقديره هذا الحال كحال إخراجك . والمعنى أن حالهم في كراهة ما صنعت من تنفيل الغزاة مثل حالهم في كراهة خروجك للحرب ، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما رأى كثرة المشركين يوم بدرٍ وقلة المسلمين قال : «من قتل قتيلاً فله كذا وكذا » . ومن أسر أسيراً فله كذا وكذا . ترغيباً لهم في القتال ، فلما انهزم المشركون قال سعد بن عبادة : يا رسول الله لو أعطيت هؤلاء ما سميته لهم بقي خلق كثير بغير شيء فنزلت { قل الأنفال لله والرسول } يصنع فيها ما يشاء فأمسك المسلمون عن الطلب وفي أنفس بعضهم شيء من الكراهة . والثاني : أن ينتصب الكاف على أنه صفة مصدر الفعل المقدّر في قوله { قل الأنفال لله والرسول } أي ثبت الحكم واستقر بأن الأنفال لله وإن كرهوا ثباتاً مثل إخراج ربك إياك إلى القتال وإن كرهوا ، ووجه تخصيص هذا المشبه به بالذكر من بين سائر أحكام الله أن القصة واحدة ووجه جعل الإخراج مشبهاً به كونه أقوى في وجه الشبه لأن مدار القصة عليه . وقيل : التقدير هو أن الحكم بكونهم مؤمنين حق كما أن حكم الله بإخراجك من بيتك لأجل القتال حق . الثالث : قال الكسائي : الكاف متعلق بما بعده وهو قوله { يجادلونك } والتقدير كما أخرجك ربك من بيتك بالحق على كره فريق من المؤمنين كذلك هم يكرهون القتال ويجادلونك فيه . والبيت بيته صلى الله عليه وآله بالمدينة أو المدينة نفسها لأنها مهاجره ومسكنه فلها به اختصاص كاختصاص البيت بساكنه ، ومعنى بالحق أي إخراجاً ملتبساً بالحكمة والصواب { وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون } في موضع الحال أي أخرجك في حال كراهة بعضهم .

/خ10