الكاف في { كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ } في محل النصب على أنه صفة لمصدر الفعل المقدر ، والتقدير : قل الأنفال استقرت لله والرسول وثبتت مع كراهتهم ثباتاً مثل ثبات إخراج ربك إياك من بيتك وهم كارهون { مِن بَيْتِكَ } يريد بيته بالمدينة ، أو المدينة نفسها لأنها مهاجرة ومسكنة فهي في اختصاصها به كاختصاص البيت بساكنه { بالحق } إخراجاً متلبساً بالحكمة والصواب { وَإِنَّ فَرِيقاً مّنَ المؤمنين لَكَِّرِهُونَ } في موضع الحال أي أخرجك في حال كراهتهم . وذلك أن عير قريش أقبلت من الشام فيها تجارة عظيمة ومعها أربعون راكباً منهم أبو سفيان ، فأخبر جبريل النبي عليه السلام فأخبر أصحابه فأعجبهم تلقي العير لكثرة الخير وقلة القوم ، فلما خرجوا علمت قريش بذلك فخرج أبو جهل بجميع أهل مكة وهو النفير في المثل السائر : لا في العير ولا في النفير . فقيل له : إن العير أخذت طريق الساحل ونجت ، فأبى وسار بمن معه إلى بدر وهو ماء كانت العرب تجتمع فيه لسوقهم يوماً في السنة ونزل جبريل عليه السلام فقال : يا محمد ، إن الله وعدكم إحدى الطائفتين ، إما العير وإما قريشاً . فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وقال : « العير أحب إليكم أم النفير » قالوا : بل العير أحب إلينا من لقاء العدو . فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ردّد عليهم فقال : « إن العير قد مضت على ساحل البحر وهذا أبو جهل قد أقبل » فقالوا : يا رسول الله عليك بالعير ودع العدو . فقام عند غضب النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فأحسنا ، ثم قام سعد بن عبادة فقال انظر أمرك فامض ، فوالله لو سرت إلى عدن أبين ما تخلف عنك رجل من الأنصار .
ثم قال المقداد بن عمرو : امض لما أمرك الله فإنا معك حيث أحببت ، لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى : { اذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هاهنا قاعدون } [ المائدة : 24 ] . ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون . ما دامت عين منا تطرف ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال سعد بن معاذ : امض يا رسول الله لما أردت ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد ، فسر بنا على بركة الله . ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشطه قول سعد ثم قال : «سيروا على بركة الله أبشروا فإن الله وعدني إحدى الطائفتين ، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم » وكانت الكراهة من بعضهم لقوله { وَإِنَّ فَرِيقاً مّنَ المؤمنين لَكَِّرِهُونَ } قال الشيخ أبومنصور رحمه الله : يحتمل أنهم منافقون كرهوا ذلك اعتقاداً ، ويحتمل أن يكونوا مخلصين ، وأن يكون ذلك كراهة طبع لأنهم غير متأهبين له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.