الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ رُسُلًا إِلَىٰ قَوۡمِهِمۡ فَجَآءُوهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَٱنتَقَمۡنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجۡرَمُواْۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (47)

ثم قال تعالى : { ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات } هذه الآية تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم إذ كذبه قريش ، فأعلمه الله أنه قد أرسل من قبله رسلا إلى قومهم كما أرسله إلى قومه ، وأن أولئك الرسل أتوا أقوامهم بالبينات ، أي : بالحجج الظاهرة كما جئت أنت يا محمد قومك بذلك .

{ فانتقمنا من الذين أجرموا } في الكلام حذف والتقدير فكذبوا الرسل فانتقمنا من المكذبين فكذلك نفعل بقومك يا محمد في تكذيبهم إياك .

{ وكان حقا علينا نصر المؤمنين } أي : ونجينا المؤمنين إذ جاء بأسنا وكذلك نفعل بك يا محمد ومن آمن بك .

وقيل : المعنى : وكان حقا علينا نصر المؤمنين على الكافرين فكذلك ننصرك ومن آمن بك على الكافرين من قومك{[54808]} .

وفي الحديث " من رد على عرض صاحبه رد الله عنه نار جهنم ثم تلى رسول الله : " وكان حقا علينا نصر المؤمنين " {[54809]} والتمام{[54810]} عند نافع آخر واو{[54811]} .

وقف بعض الكوفيين " وكان حقا " {[54812]} أي : فكان انتقامنا / حقا ، ثم يبتدئ " علينا نصر المؤمنين " نصر ابتداء وخبره علينا .

والوقف عند أبي حاتم : " نصر المؤمنين " {[54813]} .


[54808]:هو قول الطبري في جامع البيان 21/53
[54809]:أخرجه الترمذي في سننه عن أبي الدرداء أبواب البر. باب ما جاء في الذب عن المسلم 1996، وقال: "هذا حديث حسن" وأحمد في مسنده عن أبي الدرداء أيضا 6/449. وورد هذا الحديث أيضا في الكشف والبيان للثعلبي 6/45، وتفسير البغوي 5/211، وتفسير الخازن 5/211، والدر المنثور 6/499
[54810]:أي الوقف التام، وقد عرفه أبو عمرو الداني في كتابه المكتفي بقوله: "اعلم أن الوقف التام هو الذي يحسن القطع عليه والابتداء بما بعده لأنه لا يتعلق بشيء مما بعده، وذلك عند تمام القصص وانقضائهن، موجودا في الفواصل ورؤوس الآي كقوله: {وأولئك هم المفلحون} سورة البقرة الآية: 4 والابتداء بقوله: {إن الذين كفروا} سورة البقرة الآية: 5 انظر: المكتفي: 140
[54811]:انظر: القطع والائتناف 564، والواو المقصودة هنا هي الواو في قوله تعالى:"أجرموا".
[54812]:انظر: المصدر السابق 564، والقول فيه منسوب أيضا إلى بعض الكوفيين دون تحديدهم.
[54813]:انظر: القطع والإئتناف 564 ومنار الهدى 218