قوله : { الذين يلمزون المطوعين من المومنين في الصدقات } ، إلى قوله : { الفاسقين }[ 79-80 ] .
والمعنى : الذين يعيبون الذين تطوعوا بصدقاتهم على أهل المسكنة والحاجة فيقولون لهم : إنما تصدقون رياء وسمعة ، ولم تريدوا وجه الله عز وجل{[29353]} .
{ والذين لا يجدون إلا جهدهم }[ 79 ] .
أي : من المؤمنين ، ومن{ والذين لا يجدون } ، عطفه على { المطوعين } ، لأن الاسم لم يتم ، إذ{[29354]} قوله : { فيسخرون }{[29355]} في الصلة عطف على { يلمزون }{[29356]} .
و " الجهد و " الجَهد " عند البصريين [ بمعنى ]{[29357]} ، لغتان{[29358]} .
وقال بعض الكوفيين : الجُهد ، بالضم{[29359]} : الطاقة ، وبالفتح : المشقة{[29360]} .
والسخري{[29361]} من الله : الجزاء على فعلهم{[29362]} .
قال ابن عباس : جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعين أوقية من ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وجاء رجل من الأنصار بصاع من طعام ، فقال بعض المنافقين : و[ الله ]{[29363]} ما جاء عبد الرحمن بما جاء به إلا رياء ، وقالوا : إن كان الله ورسوله لغنيين عن هذا الصاع . فأنزل الله عز وجل : { الذين يلمزون المطوعين من المومنين في الصدقات } ، يعني : عبد الرحمن بن عوف ، { والذين لا يجدون إلا جهدهم } ، يعني : الأنصاري الذي أتى بصاع من شعير{[29364]} .
وقال ابن عباس : جاء عبد الرحمن بمائة أوقية من ذهب ، وترك لنفسه مائة ، وقال : مالي ثمانية آلاف ، أما أربعة آلاف فأُقرضها الله ، وأما الأربعة آلاف فلي ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " بارك الله [ لك ]{[29365]} فيما أمسكت{[29366]} وما أعطيت " فلمزه المنافقون ، وقالوا : ما أعطى عبد الرحمن بن عوف عطيته إلا رياء ، وهم كاذبون ، فأنزل الله عز وجل ، عذره{[29367]} .
وقال قتادة : جاء عبد الرحمن بأربعة آلاف صدقته ، وجاء رجل من الأنصار ، يكنى بأبي عقيل{[29368]} ، بصاع من تمر لم يكن له غيره ، فقال : يا رسول الله ، آجرت{[29369]} نفسي بصاعين ، فانطلقت بصاع إلى أهلي/وجئت بصاع من تمر ، فلمزه المنافقون ، وقالوا : إن الله غني عن صياع هذا ، فنزل فيه : { والذين لا يجدون إلا جهدهم }{[29370]} .
قال ابن زيد{[29371]} : أمر النبي صلى الله عليه وسلم [ المسلمين ]{[29372]} أن يتصدقوا ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : فألفى مالي{[29373]} ذلك كثير ، فأخذت نصفه ، فجئت أحمل مالا كثيرا ، فقال له رجل من المنافقين ، تُرائي{[29374]} يا عمر ، فقال : نعم أرائي الله ورسوله ، وأما غيرهما فلا ، وأتى رجل من الأنصار لم يكن عنده شيء ، فآجر نفسه بصاعين ، فترك صاعا لعياله ، وجاء بصاع يحمله ، فقال له بعض المنافقين : [ إن ]{[29375]} الله ورسوله عن صاعك لغنيان ، فأنزل الله عز وجل ، عذرهما في قوله : { الذين يلمزون }{[29376]} .
ثم قال لنبيه عليه السلام{[29377]} ، استغفر لهؤلاء المنافقين ، أي : ادع الله لهم بالمغفرة أو لا تدع لهم بذلك ، فلفظه لفظ الأمر ومعناه الجزاء ، والجزاء خبر{[29378]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.