{ فأعقبهم } الله عز وجل ، بذنوبهم { نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه }[ 77 ] ، أي : يموتون .
وفعل ذلك بهم عقوبة لبخلهم ، ونقضهم ما عاهدوا الله عليه{[29327]} .
وهذه الآية نزلت في ثعلبة بن حاطب{[29328]} ، قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ادع الله أن يرزقني مالا أتصدق به ، فقال له النبي عليه السلام : " ويحك يا ثعلبة ، قليل تؤدي شكره ، خير من كثير لا تطيقه " ، ثم عاود ثانية ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " أما ترضى أن تكون مثل نبي الله ، فوالذي نفسي بيده ، لو شئت أن تسير معي{[29329]} الجبال ذهبا وفضة لسارت " ، فقال : والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله يرزقني لأعطين كل ذي حق حقه ، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم ، فاتخذ غنما ، فنمت كما تنمي{[29330]} الدود ، فضاقت عليه المدينة ، فتنحى عنها ، ونزل واديا من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر في جماعة ، والعصر في جماعة ، ويترك ما سواهما . ثم نمت وكثرت ، فتنحى حتى ترك الصلوات إلا الجمعة ، وهي تنمي حتى ترك الجمعة . وطفق يلقى الركبان يوم الجمعة ، يسألهم عن الأخبار ، فسأل النبي عليه السلام{[29331]} عنه فأُخبر{[29332]} بخبره ، بكثرة غنمه وبما صار إليه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم{[29333]} ، " يا ويح ثعلبة " ثلاث مرات ، فنزل { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها }[ 104 ] .
ونزلت فرائض الصدقة ، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، رجلين على الصدقة ، رجلا{[29334]} من جنيهة ، والآخر{[29335]} من بني سليم ، وأمرهما أن يمرا{[29336]} بثعلبة ، ( وبرجل آخر من بني سليم ، يأخذان منهما صدقاتهما ، فخرجا حتى أتيا ثعلبة ){[29337]} ، فقال : ما هذه الأجر ، ما هذه إلا أخت الجزية ، ما أدري ما هذا ، انطلقا حتى تفرغا ، وعودا .
فانطلقا ، وسمع بهما السلمي ، فعمد إلى خيار إبله ، فعزلها للصدقة ، ثم استقبلهما بهما ، فلما رأوها قالوا : ما يجب عليك هذا ، وما نريد [ أن ]{[29338]} نأخذ منك هذا . قال : بلى فخذوه فإن نفسي بذلك/طيبة ، فأخذوها منه . فلما فرغا من صدقاتهما{[29339]} رجعا حتى [ مرا ]{[29340]} بثعلبة ، فقال : أروني كتابكما ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ، كتب لهما كتابا في حدود الصدقة ، وما يأخذانه من الناس ، فأعطياه الكتاب ، فنظر إليه ، فقال : ما هذه إلا أخت الجزية ، انطلقا عني حتى أرى رأيي . فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رآهما قال : " يا ويح ثعلبة " قبل أن يكلمهما ، ودعا للسلمي بالبركة ، فأخبراه بالذي صنع السلمي ، وبالذي صنع ثعلبة ، فأنزل الله عز وجل ، { ومنهم من عاهد الله } الآية ، وعند رسول الله –صلى الله عليه وسلم- رجل من أقارب ثعلبة ، فخرج حتى أتاه ، فقال : ويحك يا ثعلبة ، قد أنزل الله عز وجل ، فيك كذا وكذا ، فخرج حتى أتى النبي عليه السلام فسأله أن يقبل منه صدقته : فقال : " إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك " ، فجعل يحثو{[29341]} التراب على رأسه ، فقال له النبي عليه السلام : " قد أمرتك فلم تطعني " {[29342]} ، فرجع ثعلبة إلى منزله ، وقُبض{[29343]} رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يقبض{[29344]} منه شيئا . ثم أتى أبا بكر فلم يقبض منه شيئا [ ثم أتى عمر بعد أبي بكر فلم يقبض منه شيئا . ثم أتى عثمان بعد عمر فلم يقبض منه شيئا ] . وتوفي في خلافة عثمان رضي الله عنه{[29345]} .
وقيل : إنما نوى العهد في نفسه فلم يف به ، ودل{[29346]} على ذلك قوله : { ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم }{[29347]} .
وعلامة{[29348]} المنافق : نقض العهد ، وخلف الوعد ، وكذب القول ]{[29349]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.