عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبهم ذات يوم وحثهم على أن يجمعوا الصدقات ، فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف درهم وقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالي ثمانية آلاف جئتك بنصفها فاجعلها في سبيل الله وأمسكت نصفها لعيالي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت » فبارك الله في مال عبد الرحمن حتى إنه خلف امرأتين يوم مات فبلغ ثمن ماله فهما مائة وستين ألف درهم . وقيل ؛ صولحت إحداهما على ثمانين ألفاً . وتصدق يومئذ عاصم بن عدي العجلاني بمائة وسق من تمر ، وجاء أبو عقيل الأنصاري بصاع من تمر وقال : أجرت الليلة الماضية نفسي من رجل لإرسال الماء إلى نخيله فأخذت صاعين من تمر ، أمسكت أحدهما لعيالي وأقرضت الآخر لربي ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضعه في الصدقات فلمزهم المنافقون وقالوا : ما أعطى عبد الرحمن وعاصم إلاَّ رياء وسمعة ، وأما أبو عقيل فإنه جاء بصاعه ليذكر مع سائر الأكابر والله غني عن صاعه فأنزل الله سبحانه { الذين يلمزون المطوعين } أي المتطوعين فأدغمت . والتطوع التنفل وهو الطاعة لله بما ليس بواجب . والجهد بالضم والفتح شيء قليل يعيش به المقل ، قاله الليث . وقال الفراء : الضم لغة أهل الحجاز والفتح لغيرهم . وفرق ابن السكيت بينهما فقال : الجهد بالضم الطاقة وبالفتح المشقة . وقال الشعبي : الأول في العمل والثاني في القوة { سخر الله منهم } خير لا دعاء كقوله { الله يستهزئ بهم } [ البقرة : 15 ] وقد عرفت أن هذا من قبيل المشاكلة ، أو المراد منه لازم السخرية وهو إيقاع الذل والهوان بهم . وقال الأصم : المراد أنه تعالى يكلفهم إنفاق المال مع أنه لا يثيبهم عليه ، وإنما توجه الذم على المنافقين في هذا اللمز لأن الحكم بالرياء لمن يعطي الكثير كعبد الرحمن بن عوف وعاصم حكم على بواطن الأمور وذلك أمر استأثر الله به ورسوله . وأيضاً لمز الفقير على جهد المقل سفه لأنه لما لم يقدر إلا عليه فقد بذل كل ما له فعلم منه غالباً أنه إن قدر على أكثر من ذلك لم يكن منه منع ، وسعي الإنسان في أن يضم نفسه إلى أهل الخير والدين خير له من أن يضم نفسه إلى أهل الكسل والبطالة ، ولو لم تكن فيه إلا الثقة بالله والدخول في زمرة من يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة لكفى به منقبة وفضلاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.