تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّۚ قُلِ ٱللَّهُ يَهۡدِي لِلۡحَقِّۗ أَفَمَن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّيٓ إِلَّآ أَن يُهۡدَىٰۖ فَمَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ} (35)

وقوله تعالى : ( قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ) يحتمل قوله : ( يهدي إلى الحق ) يدعو إلى الحق . فإذا كان هؤلاء الأصنام التي تعبدونها لا يملكون الدعاء إلى شيء ، ولا يملكون الضر والنفع ، ومن الخلائق من لا يملك النفع والضر ، ويملك الدعاء إلى خير أو إلى نفع ، فهؤلاء دون الخلائق جميعا ؛ إذ لا يملكون نفعا ولا ضرا ، فكيف يملكون [ الدعاء إلى شيء ][ في الأصل وم : الضر والنفع ] ؟ يبين عز وجل سفههم بعبادتهم هؤلاء الأصنام ليعلمهم أنهم لا يملكون نفعا ولا ضرا .

ويحتمل قوله ( من يهدي إلى الحق ) أي يبين ، ويقيم الدلائل والبراهين على استحقاق العبادة لهم ؟ فإذا لم يملكوا الدعاء إلى العبادة لهم فكيف يملكون نصب الدلائل والحجج على استحقاق العبادة ؟

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( قُلْ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَق ) أخبر أن الله هو الذي يهدي للحق . ثم يحتمل الوجهين اللذين ذكرنا : هو يملك الدعاء إلى الحق ، ويقيم[ في الأصل وم : ويقيموا ] الدلائل والحجج على ما دعا[ في الأصل وم : دعاء ] إليه ، وهو يستحق العبادة له والربوبية .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( أفمن يهدي إلى الحق ) الذي يبين البراهين والحجج ( أحق أن يتبع أمن لا يهدي ) ؟ أي لا يبين ، ولا يدعو ( إلا أن يهدى ) فإن قيل : ما معنى الاستثناء ، وهو[ في الأصل وم : وهي ] ، وإن هدي لا يهدي[ في الأصل وم : يهتدي ] ؟ قيل : يشبه أن يكون هذا صلة ما تقدم من قبله : ( ما كنتم إيانا تعبدون )[ يونس : 28 ] ينطقهم الله عز وجل يوم القيامة ، فيشهدون عليهم أنهم لم يأمروهم بالعبادة لهم ، ولا دعوهم لإشراكهم في العبادة ، فيكون قوله : ( إلا أن يهدى ) لما أن يجعلهم الله بحيث يهتدون إذا هدوا ، ويجيبون إذا دعوا ( فما لكم كيف تحكمون ) ؟ بالجور وصرف العبادة والشكر إلى من لا يملك ما ذكر .

وقوله تعالى : ( أَمَّنْ لا يَهدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى ) قال بعضهم : ( إلا أن يهدى ) لا يحتمل الصنم والوثن الاهتداء ، وإن هُدِيَ ، ولكن المراد منه الإنسان . وقال بعضهم : ( إلا أن يهدى ) إلا يحمل الصنم ، ويوضع . فأما أن يهتديَ هو بنفسه فلا . لكن يحتمل ما ذكرنا إذا صيره بحيث يتكلم ومن جنس ما ينطق ، وأذِنَ له في النطق ، احتمل الإجابة والاهتداء ، والله أعلم .