الآية6 : وقوله تعالى : { رددنا لكم الكرة عليهم } أي الغلبة والهلاك عليهم { وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا } أي أكثر رجالا منكم ، قيل : ذلك عددا {[10662]} ، ثم إذا عصوا ثانيا وكفروا بربهم ، سلط الله عليهم قوما آخرين ، فدمروا عليهم . فذلك قوله : { فإذا جاء وعد الآخرة }( الإسراء : 7و104 )الهلاك والتدمير ، أي موعود الآخرة { ليسوءوا وجوهكم }( الإسراء : 7 ) .
ثم وعد لهم الرحمة إن تابوا ، ورجعوا عن ذلك بقوله : { عسى ربكم أن يرحمكم }( الإسراء : 8 )ثم أوعدهم العود إليهم بالعقوبة بقوله : { وإن عدتم عدنا } أي وإن عدتم إلى المعاصي عدنا عليكم بالعقوبة .
ثم قول أهل التأويل : إنه سلط عليهم بختنصر وجالوت ثم فلانا وفلانا فذلك لا يعلم إلا بالخبر عن رسول الله ، وليس في الآية سوى أنه بعث عليهم { عبادا لنا أولي بأس شديد } فلا يزاد على ذلك إلا بالخير سوى أنه ذكر هذا لنا . وفيه وجهان{[10663]} من الحكمة :
أحدهم{[10664]} : ما ذكرنا من إثبات نبوة محمد ومن صدق رسولهم حين{[10665]} حذرهم العقوبة بعصيانهم . فكان كما قال .
والثاني{[10666]} : تحذيرنا عن مثل صنيعهم لأنهم ليسوا بذلك أولى من غيرهم .
وقال القتبي : { فجاسوا خلال الديار } أي عاثوا بين الديار وأفسدوا ويقال : جاسوا واجتاسوا { ثم رددنا لكم الكرة } أي الدولة ، وقوله تعالى : { أكثر نفيرا }أي عددا .
وقال أبو عوسجة : { أكثر نفيرا }هو من الخروج والنفر ، ومعناه : أكثر عددا .
وقال أبو عبيدة : { فجاسوا خلال الديار } معناه : أي فقتلوا في ديارهم .
وقال قتادة : النفير المقاتلة الذين يستنفرون للقتال ، أي لو استنفرتم أنتم ، واستنفر أولئك كنتم أكثر منهم . ثم جاء قوله : { فإذا جاء وعد أولاهما }إلى قوله { فجاسوا خلال الديار } .
ومعلوم {[10667]} أنه لم يكن في كتابهم هذا اللفظ{ بعثنا عليكم }{ فجاسوا }على الابتداء ، ولكن كان ، والله أعلم ، إذا جاء وعد أولاهما ليبعثن عبادا أولي بأس شديد ، يتجسسون ، أو يجتاسون .
لكن خاطب بهذا ، والله أعلم ( الذين ) {[10668]} كانوا بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن كانوا هم لم يفعلوا ما ذكر ، لكن لما فعل أوائلهم خاطب هؤلاء لما كانوا/296-ب/يفتخرون بأوائلهم ، ويقولون هم { نحن أبناؤا الله وأحباؤه }( المائدة : 18 ) فيذكر هؤلاء نعمة التي أنعم على أولئك ، ويحذرهم صنيعهم ، وهو ما خاطبهم بقوله : { وإذا قلتم يا موسى لن نؤمن لك }الآية( البقرة : 55 )وقوله : { وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد }( البقرة : 61 )ونحوه .
خاطب هؤلاء الذين كانوا بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاتبهم على صنيع أولئك وفعلهم ، وإن كان هؤلاء لم يقولوا ذلك لما ( لم يرضوا ) {[10669]} بصنيع أولئك ، وتحذيرا عن مثل صنيعهم ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.