تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (1)

مقدمة السورة:

( سورة بني إسرائيل مكية ) . {[1]}

الآية : 1 وقوله تعالى : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا } سبحان كلمة إجلال الله عن الأكفاء وتنزيهه عن الشركاء وتبرئته عنا قالت المعطلة فيه ، وظنت الملاحدة به من الولد والحاجات والآفات وجميع معاني الخلق .

وروي في بعض الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل عن تفسير { سبحان الله } ( المؤمنون : 91 و . . . . ) فقال{[10627]} : ( هو تنزيه الله عن كل سوء ) ( بنحوه ابن جرير الطبري في تفسيره : 9/2 ) .

ومعنى قوله : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى } هو ، والله أعلم ، كأنه ذكر أن من قدر على أن يسري بعبده ليلا مسيرة شهر يقدر على إحياء ( الموتى ) {[10628]} بعد الموت ، ويملك حفظ رسوله والنصر له وإظهار آيات نبوته ورسالته وقطع حيل المكذبين له والمخالفين .

وقوله تعالى : { من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى } سماه أقصى ، وهو الأبعد ، من قصى يقصي ، فهو قاص ؛ كأنه لم يكون يومئذ إلا المسجد الحرام ومسجده بالمدينة ومسجد بيت المقدس ، فسماه ، والله أعلم ، المسجد الأقصى .

وقوله تعالى : { الذي باركنا حوله } قيل : سماه {[10629]} مباركا لكثرة أنزاله وخيراته وسعته . وقيل : سماه {[10630]} مباركا لأنه مكان الأنبياء ومقامهم ، فبورك فيه ببركتهم ويمنهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { لنريه من آياتنا } أي لنريه من آياتنا الحسية بعد ما أريناه {[10631]} الآيات العقلية ؛ لأن الآيات الحسية أكبر في قطع الشبهة ورفع الوساوس من العقلية ، إذ لا يشك أحد في ما كان {[10632]} سبيل معرفته الحس والعيان ، وقد تعترض الشبه {[10633]} والوساوس في العقليات لأنه لا يشك أحد في نفسه أنه هو ، فأحب عز وجل أن يري رسوله آيات حسية تضطر ( المتعنتين إلى ){[10634]} قبولها والإيمان والإقرار له أنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما يعلمون أن ما كان يخبرهم من أخبار حين{[10635]} قال : إنه رأى غير فلان وأمورا يعلمون أنه لا يقول إلا عن مشاهدة وعيان ، لأنه ما كان ما أوتي من الآيات العقليات قالوا : أنه سحر ، وما ذكر من الأنباء التي كانت في كتبهم المتقدمة قالوا { أساطير الأولين } ( الأنعام : 25 و . . . . ) وقالوا{[10636]} : { إنما يعلمه بشر } ( النحل : 103 ) ليس ذلك عمل سحر ولا إفكا ولا افتراء ولا أساطير الأولين على ما نسبوه إلى السحر مرة وإلى الإفك والافتراء ثانيا ، ونحوه .

وقوله تعالى : { إنه هو السميع البصير } أي من قدر على ما ذكر لا يحتمل أن يخفى عليه شيء من قول أو عمل . ثم روي من الأخبار ، وأنه عرج إلى السماء حتى رأى إخوانه الأنبياء الماضين قبله وما ذكر فيها . فنحن نقول ما قال الصديق ، رضوان الله تعالى عليه ، إن كان قال ذلك فأنا أشهد على ذلك ، وإلا {[10637]} نقول على مقدار ما في الآية : إنه أسري به إلى البيت المقدس المسجد الأقصى ، ولا نزيد عليه ، لأنه من أخبار الآحاد فلا تسع الشهادة له .


[1]:- في ط ع: سمح.
[10627]:في الأصل وم: قال.
[10628]:من م، ساقطة من الأصل.
[10629]:في الأصل وم: سمى.
[10630]:في الأصل وم: سمى.
[10631]:في الأصل وم: أراه.
[10632]:أدرج قبلها في الأصل: أن.
[10633]:أدرج قبلها في الأصل وم: ربما.
[10634]:في الأصل وم: المنصفين على.
[10635]:في الأصل وم: حيث.
[10636]:في الأصل وم: و.
[10637]:من م، في الأصل ولا.