تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ لِيَسُـُٔواْ وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا} (7)

الآية7 : وقوله تعالى : إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم } لا لله ، إذ إليكم ترجع منفعة ذلك ، وأنتم تجزون{[10670]} وعلى ذلك { وإن أسأتم فلها } أي فعليها كقوله : { من عمل صالحا فلنفسه }الآية( فصلت : 46 )أي عليها ضرر{[10671]} ذلك وعلى ذلك جميعا ( ما ){[10672]} أمر الله عباده من الأعمال ، أو نهاهم عنها ، إنما أمر ونهى لمنفعة أنفسهم ولحاجتهم لا لمنفعة له .

وقال بعضهم : { وإن أسأتم فلها } أي إلى أنفسكم تسيؤون .

وقوله تعالى : { فإذا جاء وعد الآخرة } أي جاء وعد موعود الآخرة ، وهو العقوبة بعصيانهم وتكذيبهم رسل الله .

وقوله تعالى : { فإذا جاء وعد الآخرة } بالتغيير وتبديل الدين{ ليسألوا وجوهكم } بواوين على الجماعة ، وبواو واحدة {[10673]} على الواحد : ليسوء وجوهكم ، ولم يبين من يسوء وجوهكم كما ذكر في الوعد الأول{ فإذا جاء وعد أولاهما بعثا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد }( الإسراء : 5 )فهم يسوءون وجوهكم .

ومن قرأ بالنون{[10674]} : لنسوء{ وجوهكم } أضاف إلى نفسه لما يأمره ما كان يفعل وبتسليطه إياهم عليهم .

وقال بعضهم : ذكر الوجه ههنا كناية عن الحزن والهم والإهانة لهم كما يقال في السرور : أكرم وجهه ، أي أدخل فيه سرورا ، وذكر الوجه يظهر ذلك التغيير والقبح ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة } في ظاهر الآية أن يدخل الأولون المسجد في المرة الثانية كما دخل الأولون في المرة الأولى لأنه قال : { كما دخلوه أول مرة } لكن يحتمل ليدخل عباد آخرون المسجد في المرة الثانية كما دخل الأولون في المرة الأولى . وقال بعضهم : المسجد ههنا : الكنيسة والبيعة .

وقوله تعالى : { وليتبروا ما علوا تتبيرا } أي ليهلكوا ما عملوا به ، أي ما غلبوا به ، وقهروا ، أي الأسباب التي عصوا بها .

وقال أبو عوسجة : { وما علوا } أي ليفسدوا ما ملكوا ، والتبار الفساد ، يقال : علوت الشيء ، أي ملكت .


[10670]:في الأصل و.م: تحزنون.
[10671]:في م: ضرورة.
[10672]:من م، ساقطة من الأصل.
[10673]:في الأصل و.م: واحد.
[10674]:انظر معجم القراءات القرآنية ج3/308.