تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ غَيًّا} (59)

الآية 59 : وقوله{[12033]} تعالى : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات } أي خلف من بعد أولئك الذين وصفهم عز وجل بالصلاة لله والخشوع لله فيها والبكاء { خلف أضاعوا الصلاة } أي جعلوها لغير الله وهي الأصنام التي كانوا يعبدونها . فإذا جعلوها ، وصرفوها إلى غير الذي يصلي أولئك ، فقد أضاعوها ، لأنهم كانوا يصلون للأصنام الصلاة التي كان يصلي أولئك لله .

ويحتمل أن يكون قوله : { أضاعوا الصلاة } هي آخر ما يُترك ، ويضيع ، لأنه روي في الخبر أنه قال : ( لتنقضن عرا الإسلام عروة فعروة ؛ أولها الأمانة ، وآخرها الصلاة ) [ بنحوه أحمد5/251 ] .

[ وقال بعض أهل التأويل : { أضاعوا الصلاة } ]{[12034]} إضاعتها تأخيرها عن مواقيتها ، لا أن تركوها أصلا ، فهذا في أصل الإسلام ، إن ثبت ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { واتبعوا الشهوات } أي آثروا الشهوات على العبادات ، وجعلوا الشهوات ، هي المعتمدة دون العبادات .

وقوله تعالى : { فسوف يلقون غيا } قال بعضهم : الغي واد في جهنم . لكن هذا لا يجوز أن يقال إلا بالخير عن رسول الله أنه قال : واد في جهنم . وقال بعضهم : الغي العذاب . وقال بعضهم : الغي الشر .

وجائز أن يكون سمى جزاء أعمالهم التي عملوها في الدنيا بالغواية باسم أعمالهم غيا . ويجوز تسمية الجزاء باسم سببه كقوله . { وجزاء سيئة سيئة مثلها } [ الشورى : 40 ] ونحوه .


[12033]:في الأصل و.م: ثم قال.
[12034]:من م، ساقطة من الأصل.