تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا يُتۡبِعُونَ مَآ أَنفَقُواْ مَنّٗا وَلَآ أَذٗى لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (262)

الآية 262 وقوله تعالى : { الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله } قال المفسرون : للجهاد ؛ حصول الجهاد بهذا ، والله أعلم ، لأن العدو إذا خرجوا لقتال المسلمين خرجوا للشيطان ، ويسلكون سبيله وطريقه ، والمؤمنون إنما يخرجون ليسلكوا طريق الله تعالى ، وينصروا دينه وأولياءه ، لذلك كان التخصيص له لقولهم ، وإلا كان يجيء أن تسمى الطاعات كلها والخيرات سبيل الله لأنه سبيل الله وطاعته ، كقوله : { الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله [ والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا }{[3296]} [ النساء : 76 ] .

وقوله تعالى : { ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى } قيل : { منا } على الله ، و : { أذى } للفقراء ، وقيل : { منا } على الفقراء ، و : { { أذى } له ، ثم قيل : منته على الفقير عد ما أنفق عليه ، وتصدق ، وأذاه توبيخه{[3297]} عليه بذلك ، وأما منته على الله تعالى [ كقوله تعالى ]{[3298]} : { ينمون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا قل على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين } [ الحجرات : 17 ] .

وقوله تعالى : { لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون } قد ذكرنا تأويله في ما تقدم{[3299]} .


[3296]:من ط ع، في الأصل وم: الآية.
[3297]:في النسخ الثلاث: ويوبخه.
[3298]:من ط ع.
[3299]:وذلك في تأويل (38 و 62 و 112).