بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا يُتۡبِعُونَ مَآ أَنفَقُواْ مَنّٗا وَلَآ أَذٗى لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (262)

ثم قال تعالى : { الذين يُنفِقُونَ أموالهم فِي سَبِيلِ الله } ، أي يتصدقون بأموالهم ؛ { ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُواْ مَنّا وَلا أَذًى } ، أي لا يمنون عليهم بما تصدقوا عليهم ولا يؤذونهم ولا يعيرونهم بذلك ، ومعنى الأذى والتعيير هو أن يقع بينه وبين الفقير خصومة ، فيقول له : إني أعطيتك كذا وكذا . وقال بعضهم : المنَّ يشبَّه بالنفاق ، والأذى يشبّه بالرياء . ثم تكلم الناس في ذلك ، فقال بعضهم : إذا فعل ذلك ، لا أجر له في صدقته وعليه وزرٌ فيما منَّ على الفقير به . وقال بعضهم : ذهب أجره فلا أجر له ولا وزر عليه . وقال بعضهم له أجر الصدقة ولكن ذهبت مضاعفته وعليه الوزر بالمنِّ .

ثم قال تعالى : { لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ } ، أي ثوابه في الآخرة . { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } فيما يستقبلهم من العذاب . { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } على ما خلفوا من أمر الدنيا . ويقال : الآية نزلت في شأن عثمان بن عفان ، حين اشترى بئر رومة ، ثم جعلها سبيلاً على المسلمين .