تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَٰلَ رَبِّ ٱحۡكُم بِٱلۡحَقِّۗ وَرَبُّنَا ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (112)

الآية 112 : وقوله تعالى : { قال رب احكم بالحق } تعلق أكثر المعتزلة بظاهر هذه الآية في مسائل لهم :

يقولون : يجوز أن يدعى بدعوات ، يعلم الداعي أنه قد أعطي ذلك له من نحو سؤال المغفرة . رب اغفر لي ، وهو مغفور [ له ] {[12872]} ، و : رب أعطني كذا ، وهو معطي له ذلك ، ويقول : رب اغفر لي ، وهو يعلم أنه لا يغفر له ونحو هذا من المسائل لهم ، فيحتجون بظاهر قوله : { قال رب احكم بالحق } أمر رسول الله أن يدعو به على علم منه أنه لا يحكم [ إلا ] {[12873]} بالحق .

ونحن نقول : إنه لا يجوز أن يدعى بمثل هذا الدعاء على الإطلاق إلا على اعتقاد معنى آخر في ذلك ، كان لله{[12874]} فعل ذلك ، فيكون ذلك منه عدلا [ وحقا ] {[12875]} نحو أن يكون قوله : { قال رب احكم بالحق } أي بالنصر له والظفر على أعدائه . وله ألا ينصره ، ويكون ذلك عدلا منه وحقا ، أو أن يكون المراد به : احكم بالحق أي بالعذاب الذي هو حكمك على مكذبي الرسل .

[ فأما أن يعتقد من قوله : { قال رب احكم بالحق } ما اعتقد المعتزلة فيجعل الدعاء به : اللهم لا تَجُرْ ، ورب اعدل . ومن عرف ربه هكذا فهو ليس يعرف حقيقته{[12876]} .

وقال أبو عبيدة في قوله : { قال رب احكم بالحق } ]{[12877]} رب احكم بحكمك ، وهو الحق ، وهو محتمل مستقيم . وقد ذكرنا هذه المسألة وأمثالها في ما تقدم .

وقوله تعالى : { وربنا الرحمان المستعان على ما تصفون } أمر رسوله أن يستعين بالله تعالى على ما يقولون من تكذيبهم إياه في ما يدعو ، ويعد .

قال القتبي : { آذنتكم على سواء } أي أعلمتكم ، فصرت أنا وأنتم على سواء . وإنما يريد ب : آذنتكم : أخبرتكم ، وأعلمتكم ذلك . فاستوينا في العلم . وهو ما ذكرنا .

وقال أبو عوسجة : قوله : { آذنتكم على سواء } أي كلكم ، والله أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب ، وعليه التكلان .


[12872]:ساقطة من الأصل و م.
[12873]:ساقطة من الأصل و م.
[12874]:في الأصل و م: الله.
[12875]:من م، في الأصل: لاحقا.
[12876]:انظر الحواشي المتعلقة بالآية الرابعة من سورة الفاتحة.
[12877]:من م، ساقطة من الأصل.