تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيۡءٌ عَظِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الحج

سورة{[1]} الحج /345-أ/ كلها مكية إلا ثلاث آيات [ { هذان خصمان اختصموا } [ الآية : 19 ] وغيرها ] {[2]}

الآية 1 : وقوله تعالى : { يا أيها الناس اتقوا ربكم } قد ذكرنا تأويله في غير موضع .

وقوله تعالى : { إن زلزلة الساعة شيء عظيم } قال الحسن : إن بين يدي الساعة آيات تحجبن التوبة وقبول الإيمان : منها الزلزلة التي ذكر ، ومنها طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدجال ، والدابة ، وخروج يأجوج ومأجوج [ وأمثالها ، وهي ] {[12880]} كقوله : { أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا } [ الأنعام : 158 ] .

وجائز عندنا أن تكون هذه الآيات غاية لقبول التوبة ، والإيمان يقبل إلى ذلك الوقت ، ولا يقبل بعد ذلك ، وإن تابوا ، وآمنوا ، أو أن يكون قوله : { لا ينفع نفسا إيمانها } لأنهم لا يؤمنون لما تشغلهم تلك الآيات عن ذلك ، فلا يؤمنون ، لأن تلك الآيات تعم الخلائق كلهم : المؤمن والكافر جميعا ، فلا يعرف المبطل الضال أنه على الضلال والباطل ، فيرجع إلى الهدى والحق ، ليست{[12881]} كعذاب ينزل على قوم خاص لأن ذلك يعرف أولئك أنه إنما ينزل بهم خاصة لما فيهم من التكذيب والعناد .

وإذا كانت الآيات عامة لم يعرف أهل الضلال أنهم على باطل ، وأنه إنما ينزل بسببهم لما يرونه أنه قد عم الخلائق كلها .

فقوله : { ينفع نفسا إيمانها } لأنهم لا يؤمنون كقوله : { فما تنفعهم شفاعة الشافعين } [ المدثر : 48 ] أي لا يكون لهم من يشفع ، ليس أن يكون لهم شفعاء ، فيشفعون ، فلا تقبل شفاعتهم .

فعلى ذلك جائز أن يكون قوله : { لا ينفع } لأنهم يشغلون عن الإيمان ، فلا يؤمنون ، فلا ينفع لهم على ما ذكرنا .

ثم اختلف فيه : قال بعضهم : { إن زلزلة الساعة } قيل : الساعة ، وقيل : القيامة . وقال بعضهم : { إن زلزلة الساعة } وصفها بالشدة والفزع .


[1]:- في ط ع: سمح.
[2]:- من ط ع: ويشير هذا القول إلى ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار" انظر (سنن الترمذي) ج 5/199 رقم الحديث /2951/.
[12880]:في الأصل و م: وأمثاله وهو.
[12881]:في الأصل و م: ليس.