تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَآءٖۖ وَإِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٞ مَّا تُوعَدُونَ} (109)

الآية 109 : وقوله تعالى : { فإن تولوا } هذا يدل على أن الأول خرج على الأمر والدعاء حين{[12860]} قال : { فإن تولوا } عن الإجابة إلى ما تدعونهم{[12861]} إليه : { فقل آذنتكم على سواء } أي أعلمتكم{[12862]} على عدل وحق كقوله : { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم } [ آل عمران : 64 ] أي عدل بيننا وبينكم . فعلى ذلك هذا محتمل : أن يكون قوله : { على سواء } أي على عدل وحق .

ويحتمل أيضا : { آذنتكم على سواء } أي أعلمتكم حتى صرت أنا وأنتم في العلم على سواء ، أي على الاستواء في العداوة والمخالفة ، وفي كل أمر على الاستواء . وهو كقوله : { فانبذ إليهم على سواء } [ الأنفال : 58 ] على الاستواء في العداوة ، أي انبذ إليهم حتى تكون أنت وهم على الاستواء في العلم بالمنابذة ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون } أي ما أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ؟ ثم يحتمل قوله : { ما توعدون } الساعة والقيامة التي كانوا يوعدون بها ، وهم كانوا يستعجلون بها كقوله : { يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها } [ الشورى : 18 ] فيقول : ما أدري أقريب ما توعدون أم بعيد ؟

ويحتمل قوله : { ما توعدون } من العذاب الذي كان يعد لهم أنه نازل بهم في الدنيا ، وهم كانوا يستعجلون به قوله : { يقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين } [ الملك : 25 ] فيقول : ما أدري أقريب أم بعيد ما توعدون من العذاب ؟ والله أعلم .


[12860]:في الأصل و م: حيث.
[12861]:في الأصل و م: دعوتكم.
[12862]:من م، في الأصل: أعلمتم.