الآية 100 : وقوله تعالى : { لعلي أعمل صالحا فيما تركت }قال بعضهم : { فيما تركت }أي في ما كذبت . وقال بعضهم : في ما تركت في الدنيا من الأعمال الصالحة فأعمل بها .
وجائز أن يكون قوله : { فيما تركت }من الأموال فأؤدي منه حقك لأن من الكفرة ما كان سبب كفرهم منع الزكاة وجحودها{[13553]} كقوله : { وويل للمشركين }{ الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون }( فصلت : 6 و 7 ) فيسأل أن يرجع إلى المال الذي تركه ليؤدي الحق الذي كان فيه ، فمنعه كقوله : { فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين }( المنافقون : 10 ) وقوله : { فأصدق } فأتصدق والصدقة التي منعتها لأن الخطاب في الصدقة بقوله : { وأنفقوا من ما رزقناكم }الآية ( المنافقون : 11 ) وهذا أشبه ، والله أعلم .
وقوله تعالى{ كلا }هو رد لما سألوا من الرجعة .
وقوله تعالى : { إنها كلمة هو قائلها }قال بعضهم : قوله : { إنها كلمة هو قائلها } : أي الله تعالى قالها ، وتلك الكلمة قوله تعالى : { ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها }الآية ( المنافقون : 11 ) وقال بعضهم قوله : { إنها كلمة هو قائلها }{[13554]} يعني الكافر عند معاينة العذاب وهو قوله : { رب ارجعون }{ لعلي أعمل صالحا فيما تركت } .
ثم قوله : { كلا }على هذا يحتمل وجهين : أحدهما : أنه لا حقيقة لسؤاله الذي يسأل من الرجعة ليعمل العمل الصالح ، أي إنه وإن رد ، ورُجع ، لا يعمل كقوله تعالى : { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه }( الأنعام : 28 ) .
والثاني : أنه لا منفعة لهم في سؤالهم الرجعة ؛ إذ لو رجعوا لا يصلون إلى ما يأملون لأنهم إنما يسألون ليؤمنوا ، والإيمان سبيله الاستدلال . فإذا لم يستدلوا به وقت أمنهم وفسحتهم فكيف يقدرون على الاستدلال في وقت خوفهم ؟ والله أعلم .
وقوله تعالى : { ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون }قال بعضهم : { ومن ورائهم }أي أمامهم . قال أبو معاذ : ( إنه مشتق ){[13555]} من تواريت عنك ، فكل ما توارى عنك ، أمامك كان أو خلفك ، فهو وراءك .
وقال بعضهم : { ومن ورائهم }على حقيقة الوراء { برزخ إلى يوم يبعثون }
قال بعضهم : البرزخ هو ما بين النفختين ، وقال بعضهم البرزخ هو الأجل بين الموت والبعث ، وهو قول الكلبي وقتادة . وقال مجاهد : البرزخ ، هو حاجز بين الموت والرجوع إلى الدنيا .
وقال القتبي وأبو عبيدة : البرزخ ، ما بين الدنيا والآخرة ، وقالا : كل شيء بين شيئين فهو برزخ .
وقال أبو عوسجة : البرزخ ما بين الحدين ، يعني الدنيا والآخرة ( وقال البرزخ ){[13556]} الأرض المستوية .
وأصل البرزخ الحاجز : ومنه قوله تعالى : { وجعل بينهما برزخا }( الفرقان : 53 ) أي حاجزا . وتأويله أي صاروا إلى الوقت الذي يحجزهم عما يتمنون ، ويشتهون ، وهو كقوله : { وحيل بينهم وبين ما يشتهون }( سبإ : 54 ) وإنما يشتهون ، ويتمنون ، الإيمان والأعمال الصالحة .
وجائز أن يكون قوله : { ومن ورائهم برزخ }( أي من ورائهم ){[13557]} أحوالهم الممكنة . الإيمان فيه أحوال . لا يمكن فيها الأمان{[13558]} وما تمنوا من العمل الصالح والله أعلم .
وفيه نقض قول الباطنية لأنهم يقولون : البعث هو أن يجعل للمؤمن من الأعمال الصالحة صورة روحانية ، تبقى أبدا ثياب تلك الصورة الروحانية ، من الأعمال القبيحة السيئة للكافر صورة قبيحة روحانية ، هي تعاقب ، وتعذب أبدا . فذلك البعث عندهم .
فأخبر عز وجل أن بين موتهم وبين البعث البرزخ ، وهو الأجل الذي ذكرنا أو الحاجز . فدل ذلك على نقض قولهم أن ليس البعث إلا خروج الصورة الروحانية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.