تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكٗا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِيٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَيَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَٰلِحٗا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِي بِرَحۡمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (19)

[ الآية 19 ] وقوله تعالى : { فتبسم ضاحكا } أي سبح الله لما فهم من قول النملة ، وحمد عليه . وتبسم الأنبياء التسبيح .

وجائز أن يكون التبسم هو السرور ؛ إذ التبسم إنما يكون لسرور يدخل في الإنسان . فقوله : { فتبسم ضاحكا } أي سر بما أعطاه الله من عظم النعمة له والملك .

ألا ترى أنه سأل ربه الإلهام [ ليشكر نعمه التي آتاه الله حين{[14958]} قال : { رب أوزعني أن أشعر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي } ؟ سأل ربه الإلهام واللطف الذي يكون فيه ليشكر نعمه . ولو كان الإلهام ]{[14959]} هو الإعلام على ما قاله بعض الناس لم يكن سليمان ليسأله ذلك لأنه كان يعلم أن عليه شكر نعمه .

وكذلك يعلم كل أحد أن عليه شكر منعمه . فدل سؤاله الإلهام على الشكر أنه إنما سأل اللطف الذي عنده ، به يشكر نعمه ، إذا أعطاه ، وهو التوفيق ، لا الإعلام{[14960]} الذي قالوه .

وقوله تعالى : { وعلى والدي } فيه أنه يجب على المرء شكر النعم التي أنعم الله على والديه . وسأل ربه أيضا أن يوفقه على العمل الذي يرضاه منه [ حين قال ]{[14961]} { وأن أعمل صالحا ترضاه } .

وقوله تعالى : { وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين } جائز أن يكون سؤاله هذا بإدخاله في ما ذكر كسؤال يوسف حين{[14962]} قال : { تفني مسلما وألحقني بالصالحين } [ يوسف : 101 ] سأل ربه التوفي على الإسلام والإلحاق بالصالحين .

فعلى ذلك سؤال سليمان ، يشبه أن يخرج على ذلك . ثم فيه دلالة أن النجاة ودخول الجنة إنما يكون برحمة الله لا بالعمل حين{[14963]} قال : { وأدخلني برحمتك } بعد ما سأل ربه العمل الصالح المرضي .

وقوله تعالى : { أوزعني } أي ألهمني . والإيزاع الإلهام ، والوزع الكف والسوق .

وقال القتبي : وأصل الإيزاع الإغراء بالشيء ؛ يقال : أوزعته بكذا ، أي أغريته ، وهو موزع بكذا ، ومولع بكذا .


[14958]:- في م: حيث.
[14959]:- من م، ساقطة من الأصل.
[14960]:- في الأصل وم: إعلام.
[14961]:- في الأصل: حيث، في م: حيث قال.
[14962]:- في الأصل وم: حيث.
[14963]:- في الأصل وم: حيث.