[ الآية 44 ] وقوله تعالى : { قيل لها ادخلي الصرح } [ وقال بعضهم : الصرح ]{[15029]} حصن الدار ، وهو قول الزجاج .
وقال القتبي وأبو عوسجة وأكثر أهل التأويل : الصرح هو القصر . ثم لا ندري ما سبب بناء{[15030]} ذلك الصرح ؟ وما سبب أمره إياها بالدخول فيه وكشفها عن ساقيها ؟
أما أهل التأويل فإنهم قد اختلفوا في ذلك : قال بعضهم : قالت الجن : لما أقبلت بلقيس لقد لقينا{[15031]} من سليمان ما لقينا من التعب ، فلو اجتمع سليمان وهذه المرأة وما عندها من العلم لهلكنا ، وكانت أم هذه المرأة جنية ، تعالوا [ نعيبها ، ونكرهها ]{[15032]} إلى سليمان . فقيل لسليمان : إن رجليها مثل حوافر الدواب ، لأن أمها ، كانت جنية ، فأمر سليمان عند ذلك ، فبني له بيت من قوارير فوق الماء ، وأرسل فيه السمك لتحسب أنه ماء ، فتكشف عن رجليها ، فينظر سليمان : أصدقت الجن أم كذبت ؟
[ وقوله تعالى ]{[15033]} : { فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها } فنظر إليها سليمان ، فإذا هي أحسن الناس قدمين وساقين . فلما رأت الجن أن سليمان رأى ساقيها قالت الجن : لا تكشفي عن ساقيك { إنه صرح ممرد من قوارير } .
وقال بعضهم : لا ، ولكن ذكر لسليمان أن على ساقيها شعرا ، وأنهما شعراوان ، فأمر بذلك ليعرف ذلك .
وقال بعضهم : لا ، ولكن خافت الجن عند ذلك أن يتزوجها سليمان ، فتفشي إليه{[15034]} أشياء كانوا أطلعوها عليها{[15035]} ، وأفشوا إليها ، فأرادوا أن يكرهوها إليه ، فطعنوها بعيوب في عقلها وجسمها{[15036]} ، فقالوا : يا نبي الله ألا نريك عقلها ؟ فإن في عقلها شيئا . قال : بلى ، فجاءت الجن بماء ، فأجروه [ في صن الدار ]{[15037]} فتركوه لجة ، ثم جاؤوا بالسمك والضفادع ، فأرسلوها في الماء ، ثم جيء بها إلى ذلك الماء { فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها } فقالوا لسليمان : في عقلها آفة ، ألا ترى أنها لا تعرف الصرح من الماء ، ولا تميز بينهما ، أو نحو هذا من الكلام ؟
لكن لا نعلم ما سبب ذلك ؟ ولا يحتمل أن يكون سليمان يحتال هذه [ الحيلة ]{[15038]} لينظر إلى ساقيها ، وهي أجنبية .
ثم جائز أن يكون لغير ذلك أراد أن يريها آية من آيات نبوته حين{[15039]} اتخذ صرحا ممردا من قوارير ، يرى [ أنه ماء ]{[15040]} للطافته ، وذلك خارج عن تدبير البشر لتعلم هي أن ذلك تدبير السماء لا تدبير البشر ، أو أن يكون أراد بذلك ، والله أعلم /391- أ/ أن يريها عظم ملكه وسلطانه لتعلم أنه يفعل ما يشاء ، قادر على ذلك ، لا تنفعها سوى الطاعة له والإجابة والخضوع لله والإسلام له .
فعند ذلك { قالت رب إني ظلمت نفسي } في ما عبدت دون الله { وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين } أي أخلصت ، وأسلمت نفسي لله رب العالمين .
قال القتبي : عفريت ، أي شديد وثيق . وأصله العفر ، زيدت التاء فيه ؛ يقال : عفريت ، نفريت ، [ وعفارية ونفارية ]{[15041]} ، وعفاريت ونفاريت .
قال القتبي : العفريت الخبيث المارد ، وعفاريت جميع ، وقال : { وصدها } أي ردها ، ومنعها ، وقال : الصرح القصر ، والصروح جميع ، ولجة الماء المجتمع الكثير ، وقال : الممرد ، وهو المملس بالطين أو بالجص أو بما كان . وقال غيره : المجرد الطويل . وقال القتبي : ومن ذلك يقال : الأمرد الذي لا شعر على وجهه ، ويقال للرملة التي لا تنبث مرداء ، ويقال : الممرد المطول ، ومنه قيل لبعض الحصون : مارد .
وقال الكسائي : الممرد الأملس ، ويقال : منه سمي الأمرد أمرد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.