[ الآية 58 ] وقوله تعالى : { وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها } قال بعضهم : كفرت معيشتها ، لم ترض معيشتها . وفيه إضمار : في ؛ أي بطرت [ في ]{[15448]} معيشتها ، فانتصب لانتزاع حرف : في . وتأويله{[15449]} ، والله أعلم : أي : كم أهلكنا من قرية ، بطر أهلها في معيشتهم{[15450]} حتى صرفوا شكرهم [ إلى غير الذي ]{[15451]} أنعم عليهم ، وجعلوا عبادتهم{[15452]} لغير الذي جعل لهم السعة والرخاء .
فأنتم يا أهل مكة إذا بطرتم ، وأشرتم في سعتكم وخصبكم ، تهلكون كما أهلك من كان قبلكم ، وهو ما قال : { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء } الآية [ الأنعام : 44 ] .
وقوله تعالى : { فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا } من القريات قريات إذا هلك أهلها أسكن غيرهم فيها نحو قريبات فرعون وغيره ، جعل مساكنهم لبني إسرائيل حين{[15453]} قال : { وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها } الآية [ الأعراف : 137 ] وقال{[15454]} : { وأورثنا بني إسرائيل } [ غافر : 53 ] .
ومن القريات ما جعلها خربة معطلة ، لم يسكن غيرهم [ فيها ]{[15455]} نحو قريات لوط وغيره .
وقوله تعالى : { وكنا نحن الوارثين } أي الباقين . والوارث هو الباقي في اللغة على ما ذكرنا آنفا في غير موضع . وقوله : { وكنا نحن الوارثين } يخرج على وجهين{[15456]} :
أحدهما : إخبار عن هلاك أهل الأرض وفنائهم وبقائه{[15457]} ، وهو كقوله : { إنا نحن نرث الأرض } [ مريم : 40 ] [ وقوله ]{[15458]} : { إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين } [ الأعراف : 128 ] .
والثاني : إخبار عن هلاك أولئك وجعلها لغيرهم أي للمتقين كقوله{[15459]} : { إن الأرض/ 400- أ/ لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين } والله أعلم .
قال أبو عوسجة : { نتخطف من أرضنا } أي نؤخذ . وقوله : { يجبى إليه } من الجباية ، أي يجمع ، يقال : جبيت ، أجبي جباية و : جبا . وأجبى يجبي ، أي حاز يحوز . [ وقوله ]{[15460]} : { بطرت معيشتها } أي لم ترض بمعيشتها .
وقال القتبي : أي أشرت ، وقالا : { في أمها رسولا } [ القصص : 59 ] أي [ في ]{[15461]} أكثرها وأعظمها قدرا ، وهي مكة ، والنبي منهم ، والكتاب أنزل عليهم . وقالا : وإمها : كلمة لا يتكلم بها أحد ، يعنون بالكسر{[15462]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.