[ الآية 56 ] وقوله تعالى : { إنك لا تهدي من أحببت } : ذكر أهل التأويل أن هذا نزل في أبي طالب عم النبي ( وذلك أن أبا طالب قال : يامعشر بني هاشم أطيعوا محمدا وصدقوه تفلحوا وترشدوا . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : تأمرهم بالنصيحة لأنفسهم ، وتدعها لنفسك ! قال : فقال له : ما تريد يا ابن أخي ؟ قال : أريد منك كلمة واحدة في آخر يوم من الدنيا : أن تقول لا إله إلا الله ؛ أشهد لك بها عند الله . قال : يا ابن أخي قد علمت إنك لصادق ؛ ولكن أكره أن يقال : جزع عند الموت . ولولا أن يكون عليك وعلى بني أبيك وأخيك غضاضة ومسبة بعدي لقلتها ، ولأقرت بها عينك عند الفراق ؛ لما رأيت من شدة وجدك ونصيحتك . ولكن سوف أموت على ملة الأشياخ فلان وفلان ) [ بنحوه مسلم 24/42 ] ؛ فأنزل الله ذلك : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } .
فهو على المعتزلة لأنهم يقولون : إن الهدى : البيان . ولو كان بيانا على ما يقولون لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدر أن يبين له ؛ وقد بين . لكن الجبائي يحتج لهم فيتأول ويقول : إن رسول الله كان يحرص أن يدخله الجنة ؛ فيقول : إنك لا تهدي طريق الجنة له حتى يدخلها ، أو كلام يشبه هذا ؛ وذلك بعيد . وقال جعفر بن حرب : هذا ليس في ابتداء الهداية ؛ ولكن في اللطائف التي تخرج مخرج الثواب لهم لما كان منهم من الاهتداء في البدء والأنف ، كقوله : { والذين اهتدوا زادهم هدى } الآية [ محمد : 17 ] ؛ فيخبر أنك لا تملك الهداية اللطيفة التي تخرج مخرج الثواب أن تهديهم . فيقال له : أخبرنا عن تلك الزيادة التي تخرج مخرج الثواب لما كان منهم من الاهتداء في الابتداء [ هل ]{[15431]} تنفع لهم دون الابتداء ؟ فإن قال{[15432]} : نعم [ فالرد في وجهين :
أحدهما : يقال له ]{[15433]} : فذلك عليه أن يفعل بهم ؛ إذ من قولكم {[15434]} أن عليه يعطي كل كافر ما ينفعه ، ويصلح له في دينه ، فكيف منع ذلك ينفعهم ؟
والثاني : يقال له {[15435]} : إن تلك الزيادة التي تخرج مخرج الثواب لهم واللطائف على ما كان منهم في الابتداء يستوجبها أو لا يستوجبها ؟ فإن كان يستوجبها فلا معنى للمنع على [ قولكم ، لأنكم تقولون ]{[15436]} : إن على الله أن يعطي ذلك . وإن كان لا يستوجبها فلا معنى لقوله : { ولكن الله يهدي من يشاء } على قولكم{[15437]} ؛ فيبطل الاحتجاج به على قولكم {[15438]} .
وعندنا : زيادة الهداية ابتداؤها سواء [ هو ]{[15439]} على ما أخبر رسوله أنه لا يهديه . ولكن لو كانت الهداية بيانا على ما قالوا لكان قد بين لهم ؛ فدل ذلك منه أن ثم هداية سوى البيان عند الله إذا أعطى العبد يصير مؤمنا ؛ وهو التوفيق والعصمة والسداد . وذلك لا يملكه رسول الله : إن شاء ذلك أو ابتداءه ؛ بل الله هو المالك لذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.