تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغۡوَ أَعۡرَضُواْ عَنۡهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ لَا نَبۡتَغِي ٱلۡجَٰهِلِينَ} (55)

[ الآية 55 ] وقوله تعالى : { وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه } هذا أيضا يحتمل وجهين :

[ أحدهما ]{[15425]} : إذا سمعوا منهم من الكلام ما يتأذون من كلام اللغو والأذى والفتنة أعرضوا عنه ، أي [ لا ] {[15426]} يكافئونهم لأذاهم .

والثاني : إذا سمعوا ما يلغون به من الباطل أعرضوا عنه ، أي لم يخالطوهم في ما هم فيه ، فليس أنهم لا ينهون عن المنكر ، ولا يمنعونهم عن ذلك إذا رأوا النهي ينجع فيهم . وإذا رأوا لا ينجع فيهم فعند ذلك أعرضوا عنه ، وهو كقوله : { وإذا مروا باللغو مروا كراما } [ الفرقان : 72 ] .

وقوله تعالى : { وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم } يقولون هذا لهم إذا لم ينجع النهي والموعظة ، ولم يقبلوا ذلك . عند ذلك يقولون : { لنا أعمالنا ولكم أعمالكم } أي لكم جزاء أعمالكم ولنا جزاء أعمالنا . وكذلك قوله : { لكم دينكم ولي دين } [ الكافرون : 6 ] . لم يقل هذا لهم في ابتداء الدعاء ، ولكن بعد ما أيس من إيمانهم وإجابتهم . فعلى ذلك الأول .

وقوله تعالى : { سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين } هذا يشبه أن يخرج على/399- ب/ وجهين :

أحدهما : على القول منهم : السلام عليكم{[15427]} ، أي كانوا لا يخاطبون الجهال ، ولا يخالطونهم إلا بالسلام خاصة . بهذا القدر يخالطونهم فحسب{[15428]} .

والثاني : ليس على حقيقة قول : السلام عليكم{[15429]} ، ولكن على الصلح وترك المكافأة لهم وقولهم إياهم على ما هم عليه ؛ إذ السلام هو الصلح ، والله أعلم .

وقال بعضهم : ردوا عليهم معروفا [ بمقابلة ما وجدوا منهم من الأذى ، وقالوا ]{[15430]} : { لا نبتغي الجاهلين } يعنون : لا نريد أن نكون من أهل الجهل والسفه .


[15425]:- ساقطة من الأصل وم.
[15426]:- ساقطة من الأصل وم.
[15427]:- في الأصل وم: عليهم.
[15428]:- الفاء ساقطة في الأصل وم.
[15429]:- في الأصل وم: عليهم.
[15430]:- ساقطة من الأصل وم.