تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُۥۖ قَالَ رَبِّ هَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةٗ طَيِّبَةًۖ إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ} (38)

الآية 38 وقوله تعالى : { هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة } قيل : فعند ذلك { دعا زكريا ربه } لما كانت نفسه الخاشعة{[3782]} تحدث بالولد{[3783]} أن يهب له { من لدنك ذرية طيبة } قيل : فعند ذلك { دعا زكريا ربه } لما كانت نفسه . . لكنه لم يدع لما رأى نفسه متغيرة عن الحال التي يطمع منها الولد ، فرأى أن السؤال في مثل ذلك{[3784]} لا يصلح . فلما رأى عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف غير متغيرة عن حالها علم عند ذلك أن السؤال يصلح ، وأنه يجاب للدعاء في غير محنة ، فذلك معنى قوله :

{ هنالك دعا زكريا ربه } والله أعلم .

ويحتمل أنه لما رأى ما أكرمت امرأة عمران في قبول دعوتها وتبليغ ابنتها في الكرامة المبلغ الذي رأى فيها مما لعل أطماع الأنفس لا تبلغ ذلك دعا الله ، جل جلاله ، أن يكرمه بمن له الأثر به والذكر ، وإن كانت تلك الحال حالا{[3785]} لا تطمع الأنفس في ما رغب عليه السلام مع ما كانت{[3786]} قدرة الله تعالى{[3787]} على ما يشاء من غير أن كان يحسر على طلب الإكرام بكل ما يبلغه قدره حتى رأى ما هو في الأعجوبة قريب مما كانت نفسه تتمنى ، والله أعلم بالمعنى الذي سأل .

وقوله تعالى : { رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء } أي مجيب الدعاء .


[3782]:في الأصل وم: الخاسية.
[3783]:من م،ـ في الأصل: بالولد.
[3784]:أدرج بعدها في الأصل وم: إن السؤال.
[3785]:في الأصل وم: حال.
[3786]:في الأصل وم: كان.
[3787]:من م، في الأصل: جل وعلا.