تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{كَيۡفَ يَهۡدِي ٱللَّهُ قَوۡمٗا كَفَرُواْ بَعۡدَ إِيمَٰنِهِمۡ وَشَهِدُوٓاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقّٞ وَجَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (86)

الآية 86 وقوله تعالى : { كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق } الآية ؛ فالآية تحتمل وجوها : تحتمل ألا يهدي الله قوما هم معاندوه مكابرون فيه غير خاضعين ولا متواضعين ، إنما يهدي من خضع له ، وتواضع ، فأما من عاند ، وكابر ، فلا يهديه . ويحتمل أن هذا في قوم مخصوصين ، وعلى الله منهم أنهم لا يؤمنون أبدا ، فأخبر الله تعالى أنه لا يهديهم ، وأما من علم أنه يؤمن ، وتاب ، فإنه يهديه{[4047]} بقوله : { إلا الذين تابوا وأصلحوا } الآية [ النساء : 146 ] أطمع من تاب ، وأصلح ، أن يهديه{[4048]} ، ويغفر له ، ويحتمل ألا يهديهم طريق الجنة إذا ما ماتوا على كفرهم كقوله : { ولا ليهديهم طريقا } { إلا طريق جهنم } [ المساء : 168 و 169 ] .

قال الشيخ ، رحمه الله : ( ويحتمل : لا يهديهم في وقت اختيارهم الضلالة ) وقيل : بما اختاروا من الضلالة لا يهديهم ، أي يسميهم { والله لا يهدي القوم الظالمين } وقال{[4049]} الشيخ ، رحمه الله : ودل قوله { كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم } أن دين الإسلام هو الإيمان ، وأن الكفر مقابله من الأضداد ؟ وكيف يهدي ؟ مع كفرهم ؟ وقيل : في وقت اختيارهم ، وقيل : ذلك في قوم ، علم الله أنهم لا يؤمنون ، وكانت همتهم التعنت والمخالفة ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { والله لا يهدي القوم الظالمين } الآية ترد على المعتزلة قولهم لأنهم قالوا : إن الهدى البيان ، والبيان للكل ، قالوا بتقدم الفعل ، فلو كان متقدما لكان في ذلك إعطاء الهدى للظالم ، فأخبر جل وعلا أنه لا يهدي الظالم /93-ب/ وهم يقولون : لا بل يهدي الظالم ، فذلك خروج عليه .

قال الشيخ [ رحمه الله ]{[4050]} في قوله : { والله لا يهدي } فلو كان الهدى غير البيان فلقد هداهم إذن على قول المعتزلة .


[4047]:في الأصل وم: يهديهم.
[4048]:من م، في الأصل: يأتيه.
[4049]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[4050]:من م، ساقطة من الأصل.