الآية 22 وقوله تعالى : { ومن يسلم وجهه إلى الله } يحتمل قوله : { وجهه } أي نفسه ، كأنه قال : ومن يسلم نفسه لله ، ويجعلها سالمة له لم يجعل لأحد فيها شركا { وهو محسن } في عمله إلى نفسه ، أي لا يستعملها إلا في طاعة الله وفي ما أمر به ؛ فإذا فعل ذلك { فقد استمسك بالعروة الوثقى } أي فقد استمسك بأوثق العرا وأثبتها على ما ذكر في آية أخرى : { فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها } [ البقرة : 256 ] ولا انقطاع ، ولا زوال ؛ لأنها تثبت بالحجج والبراهين لا بالهوى . فكل شيء يثبت بالحجة فهو ثابت أبدا ، لا زوال له ، ولا انقطاع ، وكل شيء يثبت بالهوى فهو يزول ، وينقطع عن قريب لزوال الهوى .
وجائز أن يكون قوله : { وجهه إلى الله } أي يسلم وجه أمره لله . فالوجه عبارة وكناية عن أمره ، أي يسلم أمره إلى الله ، ويفوضه إليه ، أو أن يكون كناية عن نفسه ، فتأويله ما ذكرنا بدءا ،
وأهل التأويل يقولون : { يسلم وجهه } أي دينه { إلى الله } أي يخلص دينه لله كقوله : { ولكل وجهة هو موليها } [ البقرة : 148 ] أي لكل أهل دين ومذهب ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وهو محسن } يحتمل وجوها :
أحدها : ما ذكرنا : { وهو محسن } إلى نفسه في عمله( {[16257]} ) ، لا يستعملها إلا في ما أمر بالاستعمال فيه ، وهو طاعة الله ، لا يوقعها في المهالك .
[ والثاني ]( {[16258]} ) : { وهو محسن } إلى الناس بالمعروف والبر .
[ والثالث ]( {[16259]} ) : { وهو محسن } أي عالم كما يقال : أحسن أي علم .
وبعض أهل التأويل يقول : { ومن يسلم وجهه إلى الله } أي أخلص عمله لله { وهو محسن } أي مؤمن كقوله : { ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن } [ طه : 112 ] وهو قول ابن عباس .
ومقاتل يقول : { ومن يسلم وجهه إلى الله } أي أخلص دينه لله { وهو محسن فقد استمسك } وقوله تعالى : { فقد استمسك بالعروة الوثقى } هو ما ذكرنا أنه استمسك بأوثق العرا وأثبتها لأنه إنما يثبت بالحجة والبرهان لا بالهوى والتمني ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وإلى الله عاقبة الأمور } هذا يخرج على وجوه :
أحدها : وإلى الله تدبير عاقبة الأمور وتقدريها لا إلى الخلق .
والثاني : إلى من له التدبير والتقدير ترجع عاقبة الأمور .
[ والثالث ]( {[16260]} ) : أن يخص رجوع عاقبة الأمور والمصير والرجوع إليه والبروز له والخروج ، وإن كانوا في جميع الأوقات كذلك لما ذكرنا أن المقصود من خلق هذا العالم [ العالم ]( {[16261]} ) الثاني ، والمقصود من خلق الدنيا الآخرة ؛ إذ به يصير حكمة وحقا . فخص ذلك له ، وأضافه إليه لذلك .
[ والرابع ]( {[16262]} ) : يذكر ذلك لما لا ينازع في ذلك اليوم ، وقد نوزع في هذه ، ولذلك قال : { لمن الملك اليوم لله الواحد القهار } [ غافر : 16 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.