الآية 20 وقوله تعالى : { ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض } قوله : { ألم تروا } قد ذكرنا أنه يخرج على وجهين :
أحدهما : على الخبر ، أي قد رأوا ، وعلموا أنه سخر لهم ما ذكر .
والثاني : على الأمر ، أي انظروا ، وروا أنه { سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض } لينتفعوا بجميع ما يحتاجون إليه ، ويصلوا إلى مرادهم وحاجتهم وإلى قضاء وطرهم كيف شاؤوا بما شاؤوا .
أو أن يذكر قدرته وسلطانهم ، أي إن من ملك تسخير ما ذكر لنا ، ومكنا ، وأقدرنا على تدبير استعمال ما سخر لنا والانتفاع به لقادر على البعث والإحياء بعد الموت ، وأنه لا يعجزه شيء ، أو أن يذكر حكمته وعلمه أن مثل هذا التسخير لا يكون إلا بحكمته . ولو لم يكن هنالك بعث وعاقبة لكان خلق الخلق وتسخير ما ذكر لعبا باطلا . على ما ذكرنا في غير موضع .
وقوله تعالى : { ما في السماوات وما في الأرض } يحتمل المطر والسحاب والشمس والقمر ونحوها( {[16236]} ) مما جعل منافع السماء متصلة بمنافع الأرض حتى لا تقوم منافع الأرض إلا بمنافع السماء [ ويحتمل ]( {[16237]} ) الملائكة لأنهم قد امتحنوا ببعض ما يقع بمنافع البشر ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة و باطنة } ذكر عن ابن عباس أنه قال : ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ما هذه النعم( {[16238]} ) الظاهرة والباطنة ؟ قال : أما ما ظهر يا ابن عباس فالإسلام وما سوى من خلقك وما أسبغ عليك( {[16239]} ) من الرزق ، وأمات ما بطن [ فما ستر من ]( {[16240]} ) مساوئ عملك ، فلم يفضحك بها ) [ السيوطي في الدرر المنثور 6/525 ] .
فإن ثبت الخبر فلا تقع الحاجة إلى غيره . فهو تأويل الآية ، وإلى هذا ذهب عامة أهل التأويل .
وجائز أن تكون النعمة الظاهرة ، هي ما ظهر من الحسن والطهارة ، والنعمة( {[16241]} ) الباطنة ما ستر من الأنجاس والعيوب ، وهو قريب مما ذكر في الخبر المرفوع ، والله أعلم .
والأقذار ما لو ظهرت لم يدن منه أحد لخبثه ونجاسته .
وبعضهم يقولون : الظاهرة باللسان والباطنة بالقلب . وقال مجاهد : الظاهرة الإسلام والرزق ، والباطنة ما ستر الذنوب والعيوب ، وهو قريب مما ذكر في الخبر المرفوع ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { ومن الناس من يجادل في الله بغير علم } المجادلة في الله تحتمل في توحيد الله ، أو في الرسالة أنه أرسل أو لم يرسل ، أو في البعث أيبعث أم لا يبعث ؟ ونحوه ، أو يجادل في كتابه .
وقوله تعالى : { بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير } أسباب العلم ثلاثة : العقل [ والكتاب والسنة ]( {[16242]} ) : يتفكر ، وينظر بالعقل ، فيعرف [ الكتاب بتأكيد ما يعرف بالعقل ، ويعلم ما لاحظ العقل فيه ، والسنة تعرّف ، وتبين ما احتمل في الكتاب ]( {[16243]} ) .
فلا( {[16244]} ) تكن مع الذين يجادلون رسول الله [ في الله في شيء ]( {[16245]} ) من ذلك وخاصة أهل مكة ، كانوا لا يؤمنون بالرسل والكتب ؛ فكأنه يقول : ومن الناس من يجادل في الله ، وهم يعلمون أنه ليس معهم( {[16246]} ) معقول ولا بيان من السنة والكتاب ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.