الآية 45 وقوله تعالى : { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا } من المعاصي والمساوئ { ما ترك على ظهرها من دابة } أي على ظهر الأرض . ووجهه اكتفاء بما سبق من ذكر الأرض ، وهو قوله : { إن الله يُمسك السموات والأرض أن تزولا } [ فاطر : 41 ] أي علم الناس ، وفهموا من ذكر الظهر ظهر الأرض لما على ظهر الأرض يُكتسَب ما يُكتسب .
ثم قوله : { ما ترك على ظهرها من دابة } قال بعضهم : المراد بالدابة المُمتحنون المُميّزون ، وهم بنو آدم خاصة ، لأنهم أهل اكتساب وإخراج ، إذ قد ذكر الإهلاك بما يكتسبون ، وهم أهل الاكتساب دون غيرهم من الدّواب .
وقال بعضهم : [ المراد ]{[17349]} كل دابة من البشر [ لا غيره ]{[17350]} لأن غيره من الدواب إنما أُنشئ للبشر وحوائجهم لا لحاجة الدواب{[17351]} أو لمنفعة لها حين{[17352]} قال : { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا } [ البقرة : 29 ] وقال{[17353]} : { وسخّر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه } [ الجاثية : 13 ] .
فإذا كان غيره مُنشأً لهم ، فإذا أُهلكوا هم أُهلك ما كان مُنشَأ لحوائجهم ولمنافعهم ، ولا يكون إهلاك ما ذكرنا من الدّواب خروجا عن الحكمة كما{[17354]} تقول الثّنوية : إنه ليس من فعل الحكيم الأمر بذبح أسلم الدواب والانتفاع بلحمها . قيل : هكذا إذا كانت تلك مُنشأة لأنفسنا ولمنافعها . فأما إذ كان ما ذكرنا أنها مُنشأة لنا ولمنافعنا فجائز الانتفاع بها مرة بعينها ومرة بلحمها ، ولا يكون فعل ذلك ولا الأمر به غير حكمة .
ثم الفرق بين إباحة الانتفاع بلحم أسلم الدواب وحظر لحم الضارّة منها والمُضِرّة لأنه جعل حفظ ما ليس بضارٍّ ولا مضرّ إلينا ، وعلينا جعل مَؤُنتها والذّبّ عنها ودفع [ الضرر عنها ]{[17355]} .
فأما الضّارة منها والمُضِرّة فهي ممتنعة بنفسها متحمّلة مؤُنتها . كذلك كان ما ذكرنا ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { ولكن يؤخّرهم إلى أجل مسمّى } أي لم يؤاخذهم بما كسبوا على ظهرها لما جعل لهم من المدة أحب أن ينقضي ذلك ، ويفي بما جعل لهم من المدة وما ضرب لهم من الوقت .
[ وقوله تعالى ]{[17356]} : { فإذا جاء أجلُهم فإن الله كان بعباده بصيرا } أي عن بصيرة وعلم بكسبهم وصنيعهم وما يكون منهم ضرب لهم المدة والوقت الذي ينتهون إليه ، ويبلغون آجالهم لا عن جهل .
بل لم يزل عالما بما يكون منهم . لكن لما كان ضرر ذلك الذي علم أنه يكون منهم راجعا إليهم أنشأهم ، وجعل لهم المدة . وقد ذكرنا هذا في غير موضع ، والله أعلم .
قال القتبي : { أساور } [ فاطر : 33 ] جمع سوار ، وهو الذي تجعله المرأة في معصمها . والنّصب الشّدة والتعب ، واللّغوب الإعياء ، لَغَبْتُ بنفسي أَلْغَبُ لُغوبًا ، فأنا لاغِبٌ ، وألغبتُ غيري أي كلّفته حتى أعياه ، وهو قول أبي عوسجة ، والاصطِراخ صياح الضّجر ، والمَقْت البُغض .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.