تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مَنۡ عَمِلَ سَيِّئَةٗ فَلَا يُجۡزَىٰٓ إِلَّا مِثۡلَهَاۖ وَمَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ يُرۡزَقُونَ فِيهَا بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (40)

الآية 40 ثم أخبر عن عدل الله تعالى في أعدائه وفضله في أوليائه حين{[18275]} قال : { مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا } أي يجزي{[18276]} ، ولا يزيد لهم على مثل جنايتهم ، لأن المثل هو العدل في جميع الأشياء ؛ يخبر ألا يزيد على قدر عقوبة عملهم ، ولكن يجزيهم بمثله .

وأما جزاء الحسنة فإنه يزيد لهم على قدر ما يستوجبون فضلا وإحسانا : { وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ } .

ثم فيه دلالة نقض قول المعتزلة : إن صاحب الكبيرة في النار أبدا . لو كان على ما ذكروا كان في ذلك تسوية بين صاحب الكبيرة وبين صاحب الشرك ، فأما أن يكون نقصانا لصاحب الشرك عن مثل عقوبته أو زيادة لصاحب الكبيرة ، وقد أخبر أنه لا يجزي إلا مثلها ، فذلك خلاف ظاهر الآية .

وقوله تعالى : { وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ } دل هذا على أن العمل الصالح لا ينفع ، ولا يجزى به إلا من كان منه الإيمان به .

وقوله تعالى : { يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ } يحتمل بلا تبعة ، ويحتمل بلا تقدير وعدد ، وقد ذكرناه في ما تقدم .


[18275]:في الأصل وم: حيث.
[18276]:أدرج قبلها في الأصل وم: لا.