الآية 34 وقوله تعالى : { وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ } أي جاءكم يوسف من قبل موسى عليه السلام بالبينات أي بالآيات والأدلة على رسالته وصدقه .
وجائز أن يكون هذا قول ذلك الرجل لقومه ؛ يخبرهم عن سفه أوائلهم من تكذيبهم يوسف بأرض مصر قبل موسى ، وما كان من القول منهم بعد ما ذهب من بينهم وردّهم آياته وحججه التي أتاهم بها ، وما أخبر أنهم وأوائلهم لم يزالوا في شك وريب مما جاءتهم الرسل من الآيات والأدلة ، وهو ما قال عز وجل : { فما زلتم في شك مما جاءكم به } يقول : /477– ب/ لم تزل عادتكم وعادة أوئلكم هذه{[18261]} .
وقوله تعالى : { حتى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا } جائز أن يكون ، وإن خاطبهم بقوله : { وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ } وقوله : { فما زلتم في شك مما جاءكم به } وقوله : { قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا } إنما أراد آباءهم وأوائلهم لأن يوسف عليه السلام لم يكن في زمن هؤلاء مبعوثا إليهم على ما عاتب الأبناء بصنع آبائهم في غير آية{[18262]} من القرآن كقوله { فلم تقتلون أنبياء الله من قبل } [ البقرة : 91 ] وقوله { ثم اتخذتم العجل من بعده } [ البقرة : 92 ] وهؤلاء لم يقتلوا الأنبياء ، ولا اتخذوا العجل ، وإنما فعل ذلك آباؤهم وأوائلهم . ثم جاء العتاب لهم بسوء صنيع آبائهم وأوائلهم . فعلى ذلك هذا .
وجائز أن يكون ، وإن خاطبهم بما ذكر من سوء الصنيع والتكذيب إنما يخبر عن صنيع آبائهم وأوائلهم ، فيحذّرهم من مثل صنيع أولئك من التكذيب لهم والرّد لأدلتهم والقول بعد ذهابه من بينهم والكذب على الله أنه لم يبعث رسولا .
يقول : إياكم أن تكذّبوه ، وتردّوا آياته وحججه ، ثم تقولوا : إذا مات موسى لن يبعث الله من بعده رسولا كما قال أوائلكم : إذا مات يوسف لم يكن من بعده رسول{[18263]} بقولهم : { حتى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا } يشبه أن تخرّج الآية على هذا ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ } فقد ذكرنا تأويله من وجهين في ما تقدم .
ثم قوله تعالى : { حتى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا } يخرّج على وجهين :
أحدهما : آمنوا به ، وأنكروا رسالة غيره بعد رسولهم : { لن يبعث الله من بعده رسولا } .
والثاني : أي أنكروا رسالته في حال حياته ، ولم يؤمنوا به . فإذا هلك أنكروا أن يكون هو مبعوثا إليهم رسولا ، فيحذر أولئك ألا يكونوا كأولئك آمنوا به ، وأنكروا رسالة غيره من الرسل بعده ، أو يقول : لا تكونوا كأولئك يكذّبونه ما دام حيا ، فإذا هلك يكذّبون رسالته ، يحذرهم [ من ]{[18264]} سفه أوائلهم ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.