الآيتان 36 و37 وقوله تعالى : { وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ } { أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى } للمشبّهة تعلّق بظاهر هذه الآية ، يقولون : لولا أن موسى عليه السلام كان ذكر ، وأخبر فرعون أن الإله في السماء ، وإلا لما أمر فرعون هامان أن يبني له ما يصعد به إلى السماء ، ويطّلع إلى إله موسى على ما قال تعالى خبرا عن اللعين .
لكنا نقول : لا حجة لهم ، فإنه جائز أن يكون هذا من بعض التمويهات التي كانت منه على قومه في أمر موسى عليه السلام ومن بعض مكايده التي كانت منه به من نحو قوله { ساحر كذّاب } [ غافر : 24 ] وقوله : { إنه لكبيركم الذي علّمكم السحر } [ طه : 71 والشعراء : 49 ] وقوله : { يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره } [ الشعراء : 35 ] ونحو ذلك من التمويهات التي كانت منه .
فعلى ذلك قوله : { ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ } { أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى } تمويه منه على قومه بموسى . يقول : إن موسى إنما يدعو إلى إله في السماء ، فهو نحو إله ، يكون في الأرض ؛ يُموّه على الناس أمر موسى من غير أن كان من موسى ذكر ، أو خبر أن الله تعالى في السماء على ما كانت منه سائر التمويهات ، وإن لم يكن من موسى ذكر تلك التمويهات له ، والله أعلم .
ويحتمل أن فرعون قال ذلك لما رأى أن البركات والخيرات تنزل من السماء ، فظن أنه في السماء ،
ثم اختُلف في الأسباب : قال بعضهم : أسباب السماوات أبوابها ، وتحتمل أسباب السماوات ، هي الطرق التي تصعد إلى السماء ، وحقيقة الأسباب هي ما يوصل بها إلى الأشياء{[18268]} ، يقصد إليها . وقد علم{[18269]} اللعين أنه لا يصل إلى ذلك بما{[18270]} ذكر من بناء الصرح . لكنه أراد ما ذكرنا من التمويهات والتلبيس على قومه ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا } قال ههنا : { وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا } بعد ما قطع القول فيه : إنه كاذب ، وإنه كذّاب ليُعلَم أنه كان على حق ، وأنه صادق . ولكنه يموّه بذلك على قومه .
وقوله تعالى : { وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ } قال بعضهم : أي زيّن له الشيطان سوء عمله .
ويحتمل أن يقال : زيّن له بالأتباع وكثرة الأموال والحشم ؛ الذي أعطى له ، زيّن له سوء عمله بالأسباب التي أعطيت له ، فيكون الله تعالى مزيّنا له سوء عمله بإعطاء الأسباب .
ويحتمل : { زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ } أي خلق في طبعه أن يرى ذلك حسنا مزينا ، وإن كان قبيحا في نفسه حقيقة على ما تقدم ذكره .
وقوله تعالى : { وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ } وقرئ : وصدّ بالفتح{[18271]} . فمن قرأ بالفتح فله معنيان :
أحدهما : صدّ هو بنفسه صدودا . والثاني : صدّ هو الناس عن سبيله صدًّا .
ومن قرأ : { وصدّ } بالضم أي [ لم ]{[18272]} يوفّق ، ولم يُرشَد ، لما علم منه اختيار ضده .
وقوله تعالى : { وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ } أي في خسار . التباب الخسار ؛ يقال في قوله : { تبت يدا أبي لهب وتبّ } أي خسرت ، ويقال : تبا له ، أي هلاكا /478– أ/ له ، وقيل : تبّت يدا الرجل ، أي خابت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.