تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا وَجَعَلَ لَكُمۡ فِيهَا سُبُلٗا لَّعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ} (10)

الآية 10 وقوله تعالى : { الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سُبلا لعلكم تهتدون } جائز أن يكون ذكر هذا على سبيل النّعت والوصف لله تعالى عز وجل صلة لقوله : { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم } الذي وصفه أنه جعل الأرض كذا ، وأنزل كذا .

ويحتمل أن يكون أراد [ بقوله ]{[8]} : { ولئن سألتهم } /495-ب/ عن الأرض وما ذكر به مِن جعلها مهدا ومن جعله{[9]} لهم فيها سُبلا قالوا{[10]} : الله جعل ذلك على ما قالوا في السماوات والأرض .

وفيه وجوه من الدلالة :

أحدها : يذكّرهم نعمه عليهم حين{[11]} جعل هذه الأرض بحيث يمهدونها ، ويفترشونها ، وينتفعون بها بأنوع المنافع ، وبحيث مكّن لهم الوصول إلى حوائجهم التي فرّقها في الأمكنة المتباعدة بما جعل لهم فيها سُبلا وطُرقا ، يسلكون فيها ليصلوا إلى الحوائج التي فُرِّقت في البلدان المتباعدة ما لولا جعله فيها السبل والطرق التي جعل ما قدروا السلوك فيها ، ولا عرفوا أنهم من أي جهة يصلون إلى حوائجهم التي فُرّقت ، فيُلزمهم بما ذكر القيام بشكره على تلك النعم .

والثاني{[12]} : دلالة حكمته ليدُلّهم أنه إنما جعل لهم ما ذكر لحكمته ، ولم يجعلها عبثا باطلا [ فيُلزمهم الشكر حين ]{[13]} فرّق حوائجهم في أمكنة متباعدة ، ثمّ مكّن لهم الوصول إليها ، ليعلموا{[14]} أن الذي ملك أنفسهم ، هو مالك أطراف الأرض ؛ إذ لو كان هذا غير مالك ذلك لمنعهم عن الوصول إلى حوائجهم .

والثالث{[15]} : دلالة قدرته حين{[16]} جعل لهم في الأرض ما ذكر من التسخير لهم حتى [ يتظاهروا فيها ، ويفترشونها ]{[17]} ويسلكوا فيها السبل التي جعلها لهم إلى حيث أرادوها ، وقصدوها ، ومكّن لهم ليعلموا{[18]} أن من قدر على ما ذكر لا يُعجزه شيء .


[8]:- في ط ع: الحق.
[9]:- في ط م: ليكون.
[10]:-في ط ع: نقصانا.
[11]:- في ط م: خاص.
[12]:- في النسخ الثلاث: يمكن.
[13]:- في ط م: التكبير.
[14]:- في ط ع: معه، ساقطة من الأصل.
[15]:- في ط م: المحبة والخلق.
[16]:- ساقطة من ط م.
[17]:- ساقطة من ط م.
[18]:- من ط م، في ط ع: الله ساقطة من الأصل.