فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا وَجَعَلَ لَكُمۡ فِيهَا سُبُلٗا لَّعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ} (10)

ثم وصف سبحانه نفسه بما يدل على عظيم نعمته على عباده ، وكمال قدرته في مخلوقاته فقال : { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا } أي فراشا كالمهد للصبي ، ولو شاء لجعلها مزلة لا يثبت فيها شيء كما ترون من بعض الجبال ، ولو شاء لجعلها متحركة فلا يمكن الانتفاع بها في الزراعة والأبنية ، فالانتفاع بها إنما حصل لكونها مسطحة قارة ساكنة وقد تقدم بيانه ، قرأ الجمهور مهادا وقرأ الكوفيون مهدا وهذا كلام مبتدأ غير متصل بما قبله ، ولو كان متصلا بما قبله من جملة مقول الكفار لقالوا : الذي جعل لنا الأرض مهادا .

{ وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا } أي طرقا تسلكونها إلى حيث تريدون ولو شاء لجعلها بحيث لا يسلك في مكان منها كما جعل بعض الجبال كذلك وقيل معايش تعيشون بها { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } بسلوكها إلى مقاصدكم ومنافعكم في أسفاركم .