الآية 23 وقوله تعالى : { أفرأيت من اتخذ إلهه هواه } يخرّج على وجهين :
أحدهما : على التحقيق على ما قاله عامة أهل التأويل : أنهم عبدوا كل شيء استحسنوه [ كانوا إذا استحسنوا شيئا هوُوه ، وعبدوه ، ثم إذا رأوا ]{[19225]} شيئا آخر أحسن منه تركوا عبادة الأول ، وعبدوا الثاني . فتلك كانت عادتهم ، وذلك اتخاذ الآلهة بهواهُم ؛ إذ الإله ، هو المعبود عندهم ، وهو التحقيق الذي ذكرنا .
والثاني : على التمثيل ، وهو ما قال قتادة : أنهم ما هوُوا شيئا إلا ركبوه ، لا يمنعهم مخالفة الله عمّا هوُوه ، ولا تردعُهم خشية عما اشتهوا ، فصيّروا هواهم متّبعا ، فهو كالإله لهم ، لا يتّبعون أمر الله ، لا يكترثون له ، أو كلام نحوه ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وأضلّه الله على علم } هذا يُخرّج على وجوه :
أحدها : أي أضلّه الله على علم من ذلك الإنسان بالطريق الهدى والحق ، لا أنه أضلّه على خفاء من ذلك الإنسان بالطريق الحق وسبيله ، أي قد بيّن له السبيل والطريق الحق .
[ والثاني : أي أضله الله على علم منه ، أي ]{[19226]} أنشأ منه فعل الضلال على علم منه بذلك ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غِشاوة } هذا يخرّج على وجهين :
أحدهما : أي غطّى قلبه بما هوِيه ، وجعل فيه ظُلمة ؛ فتلك الظُلمة وذلك الغطاء أوجبه غطاء السمع والبصر ، وحال بينه وبين سماع الحُجج والبراهين ، وصارت ظلمة البصر وغطاؤه مانعا له{[19227]} عن اكتساب التدبّر والتفكّر .
[ والثاني : ]{[19228]} يحتمل أن يكون ما هووه مانعا لهم عن اكتساب الحياة الدائمة ما لو اتبعوا أمر الله تعالى وما دعاهم إليه كانت لهم تلك الحياة كقوله تعالى : { استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحييكم } [ الأنفال : 24 ] وكقوله تعالى : { أو من كان ميتا فأحييناه } [ الأنعام : 122 ] فما هوُوه ، واتبعوه ، منعهم عن اكتساب الحياة الدائمة المُدْعى إليها ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { فمن يهديه من بعد الله } هذا أيضا يحتمل وجهين :
أحدهما : حقيقة الهداية ، وهو التوفيق والعصمة ، فكأنه يقول ، والله أعلم : فمن يقدر دون الله هدايته وتوفيقه بعد اختياره الضلال ؟
والثاني هدى البيان ؛ فكأنه يقول : فمن يقدر أن يأتي ببيان أكثر وأبين من بعد بيان الله تعالى الذي بيّن له ؟ [ أي لا ]{[19229]} أحد يقدر ذلك .
[ وقوله تعالى ]{[19230]} : { أفلا تذكّرون } أي أفلا يتّعظون ؟ أو أفلا تذكرون بيان الله أو ما بيّن لهم ؟ والله أعلم .
ثم الآية في قوم ، علِم الله أنهم لا يؤمنون أبدا ، لئلا يشتغل بهم ، ولا يهتم لهم ، ولكن يشتغل بغيرهم ، ويقطع طمعه عن إيمانهم ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.