تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ مَرۡيَمَۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ أَن يُهۡلِكَ ٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَأُمَّهُۥ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗاۗ وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۚ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (17)

وقوله تعالى : { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم } كفروا كفر مكابرة ومعاندة لا كفر شبهة وجهل لأنهم أقروا أنه ابن مريم ، ثم يقولون : إنه إله ، فإذا كان هو ابن مريم ، وأمه أكبر منه ، فمن البعيد أن يكون من هو أصغر منه إلها لمن هو أكبر منه وربا ، وإلا الكفر قد يكون بدون ذلك القول . لكن التأويل هو ما ذكرنا أنهم كفروا معاندة ومكابرة مع إقرارهم أنه ابن مريم حين جعلوا الأصغر إله الأكبر وربا .

وقوله تعالى : { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا } أي لا أحد يملك من دون الله شيئا إن أراد إهلاك المسيح وأمه ؛ أي لو كان إلها كما تقولون لكان يملك دفع الإهلاك عن نفسه وعن أمه ومن عبدهم في الأرض .

وقيل : { فمن يملك } أن يمنع { من الله شيئا } من عذابه { أن يلهك المسيح } بعذاب { وأمه ومن في الأرض جميعا } بعذاب أو موت ، وهما واحد .

ثم عظم نفسه عن قولهم ، ونزهها حين { قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم } فقال : { ولله ملك السماوات والأرض } أي كلهم عبيده وإماؤه ، يخلق من بشر وغير بشر { والله على كل شيء قدير } أي قادر على خلق الخلق من بشر ومن غير بشر ، والله أعلم .