وقوله تعالى : { وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه } الآية . يحتمل أن يكون هذا القول لم يكن من الفريقين جميعا ، ولكن ما كان من أحد الفريقين هذا ، ومن الفريق الآخر غيره ، وكان قوله تعالى : { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى } [ البقرة : 111 ] كأن هذا القول كان [ من ] كل فريق نفى دخول الفريق الآخر الجنة لا أن قالوا جميعا { لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى } .
ويحتمل أن كان من النصارى { نحن أبناء الله } لما ذكر في بعض القصة أن عيسى ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، قال لقومه : «أدعوكم إلى أبي وأبيكم الذي في السماء » فقالوا عند ذلك { نحن أبناء الله } وكان من اليهود [ قولهم ] : «نحن أحباء الله » .
ويحتمل أن يكون هذا القول كله منهم جميعا ؛ قال كل واحد من الفريقين { نحن أبناء الله وأحباؤه } .
وقيل : إنهم قالوا ذلك في المنزلة /126-ب/ والقدر عند الله تعالى ؛ أي لهم عند الله من المنزلة والقدر كقدر الولد عند والده ومنزلته عنده ، ولا يعذبنا . فقال : { قل } يا محمد { فلم يعذبكم بذنوبكم } إن كان ما تقولون حقا ، { فلم يعذبكم } حين جعل القردة والخنازير ، ولا أحد من الخلق يحتمل قلبه أن يكون ولده أو صديقه قردا أو خنزيرا . وقال : لا أحد يحتمل قلبه تعذيب ولده و حبه بذنبه بالنار ، وقد أقررتم أنكم تعذبون في الآخرة قدر ما عبد آباؤكم العجل .
ثم قال : { بل أنتم بشر ممن خلق } أي من اتخذ ولدا وحبا [ فإنما يتخذه ] من شكله وجنسه فالله تعالى إنما خلقكم من بشر كغيركم من الخلق ، وأنتم وهم في ذلك سواء ، فكيف خصصتم أنفسكم بذلك ؟ وقوله تعالى : { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم } [ المائدة : 17 ] دليل أن من رفع أحدا من الرسل فوق قدره [ فهو ] في الكفر كمن حط عن قدره ومرتبته .
وقوله تعالى : { يغفر لمن يشاء } أي من تاب ، وأسلم { ويعذب من يشاء } من دام على الكفر ، ومات عليه .
وقوله تعالى : { ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما } أي كلهم عبيده وإماؤه وخلقه ؛ يعظم نفسه عن قولهم : { نحن أبناء الله وأحباؤه } ولا أحد يتخذ عبده ولدا ولا حبا ، فأنتم إذا أقررتم أنكم عبيده كيف ادعيتم البنوة والمحبة ؟ والله أعلم .
وفي الآية دلالة رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأنهم قالوا قولا في ما بينهم ، ثم أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ليعلم أنه إنما عرف ذلك بالله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.