وقوله تعالى : { ومن الذين قالوا إنا نصارى } أي كانوا أنصار الله ، فقالوا : بل نكون نصارى .
وقوله تعالى : { إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به } ما من أحد إلا وقد أخذ الله عز وجل عليه العهد والميثاق . وقد أخذ الميثاق على المؤمنين بقوله تعالى : { واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به } الآية [ المائدة : 7 ] وأخذ الميثاق على اليهود بقوله تعالى : { ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل } الآية [ المائدة : 12 ] . وأخبر أيضا أنه قد أخذ الميثاق على النصارى في هذه الآية بقوله تعالى : { ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم } وقد تقدم ذكر الميثاق ومعناه في غير موضع .
وقوله تعالى : { فنسوا حظا مما ذكروا به } يحتمل هذا وجهين :
يحتمل أي تركوا حظهم مما أمروا به من توحيد الله والإيمان بالرسل كلهم والتمسك بكتاب /126-أ/ الله تعالى والوفاء بالعهود التي عهدت إليهم ، فتركوا ذلك كله ، وضيعوا .
ويحتمل { فنسوا حظا مما ذكروا به } أي لم يحفظوا ما وعظوا .
وقوله تعالى : { فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة } قيل :
أغرينا ألقينا { بينهم العداوة والبغضاء } قال الحسن : من حِكم الله تعالى أن يلقي بينهم العداوة والبغضاء ، ويجعل قلوبهم قاسية ، ومن حِكمه أن يكون بين المسلمين رأفة ورحمة .
وقال بعض المعتزلة : قوله تعالى : { فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء } أي خذلناهم ، وتركناهم . لكن هذا كله منهم احتيال وفرار عما يلزمهم من سوء القول وقبحه ، فيقال لهم : إن شئتم جعلتم خذلانا ، وإن شئتم تركا جعلتم ما شئتم .
ولكن هل كان من الله في ذلك صنع ، أو أضاف ذلك إلى نفسه ؟ ولا فعل له في ذلك ، ولا صنع له في ذلك . وذلك الحرف على غير إثبات الفعل فيه أو شيء حرف ذم ، لا يجوز أن يضيف ذلك إلى نفسه ، ولا فعل له في ذلك ولا صنع ، فدل أن له فيه صنعا ، وهو ما ذكرنا : أن خلق ذلك منهم . وكذلك في ما أضاف إلى نفسه [ من جعل ] الرأفة والرحمة في قلوب المؤمنين . فلو لم يكن له في ذلك صنع لكان لا يضيف ذلك إلى نفسه ، وذلك الحرف حرف الحمد والمدح .
فدل أن له فيه صنعا ، وهو أن خلق الرأفة والرحمة في قلوب المؤمنين وخلق القساوة والعداوة في قلوب أولئك الكفرة ، وبالله التوفيق .
وفي الآية دلالة إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر أنه ألقى { بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة } وأخبر ألا { تزال تطلع على خائنة منهم } [ المائدة : 13 ] وكان كما قال على علم منهم أنه لا [ يزال ] يطلع على ما في قلوبهم من الخيانة والقساوة وغير ذلك من الأمور . فدل أنه بالله علم ذلك .
وقوله تعالى : { وسوف ينبئهم الله } في الآخرة { بما كانوا يصنعون } في الدنيا ، وهو قول ابن عباس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.