تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَفَّيۡنَا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم بِعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡإِنجِيلَ فِيهِ هُدٗى وَنُورٞ وَمُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٗ لِّلۡمُتَّقِينَ} (46)

وقوله تعالى : { وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم } قوله تعالى { وقفينا } أي أتبعنا { على آثارهم } وهو من القضاء . وقوله : { على آثارهم } يحتمل وجهين { على آثارهم } الرسل . ويحتمل على آثار الذين أنزل فيهم التوراة .

وقوله تعالى : { وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور } من الضلالة لمن تمسك به { ونور } لمن استناره { مصدقا لما بين يديه من التوراة } فهذا يدل أن الكتب كانت مصدقة بعضها بعضا على بعد أوقات النزول . تعالى الله عما يقول الظالمون { علوا كبيرا } [ الإسراء : 43 ] .

وقوله تعالى : { وموعظة للمتقين } يحتمل : موعظة للمؤمنين لأن المؤمن هو الذي يتعظ به . وأما غير المؤمن فلا يتعظ به . ويحتمل قوله تعالى : { وموعظة للمتقين } الذين اتقوا المعاصي كلها .

وفي قوله تعالى : { فمن تصدق به فهو كفارة له } ، و كذلك قوله تعالى : { فمن عفي له من أخيه شيء } [ البقرة : 178 ] دلالة [ على ] أن القصاص للعباد خاصة [ حين رغبهم ] في العفو عنه والترك له . ليس كالحدود التي هي لله لأنه لم يذكر في الحدود العفو ولا التصدق به ، وذكره في القصاص والجراحات . دل أن ذلك للعبد ، له تركه ، وسائر الحدود لله ، ليس لأحد إبطاله ، والله أعلم .