تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (153)

الآية 153 وقوله تعالى : { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه } يحتمل وجوها : يحتمل : { وأن هذا } الذي ذكر في هذه الآيات من أمره ونهيه وتحليله وتحريمه { صراطي مستقيما فاتبعوه } على ما قاله أهل التأويل : إنها آيات محكمات لم ينسخهن شيء في جميع الكتب ، وهن محكمات{[7945]} على بني آدم كلهم .

ويحتمل قوله تعالى : { وأن هذا صراطي مستقيما } الذي دعا إليه الرسل من كل شيء هو { صراطي مستقيما } لأن الرسل يدعون إلى ما يدعون بالحجج والبراهين .

ويحتمل قوله تعالى : { وأن هذا صراطي مستقيما } أصل الدين ووحدانية الله وإخلاص الأنفس له على غير إشراك في عبادته وألوهيته ، أو أن يكون قوله تعالى { وأن هذا } الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو{[7946]} الذي ذكر في القرآن أولا{[7947]} ذكر هذا ، ولم يشر إلى شيء بعينه . فيحتمل ما ذكرنا .

وقوله تعالى : { ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } أمر عز وجل باتباع ما ذكر من الصراط المستقيم ، ونهى عن اتباع السبل ؛ لأن غيره من الأديان المختلفة والأهواء المتشتتة لا حجة لها{[7948]} ، ولا برهان ، وما ذكر من الصراط المستقيم هو دين بحجة وبرهان لا كغيره{[7949]} من الأديان ، وإن كان يدعي كل من [ أصحاب تلك الأديان ]{[7950]} أن الذي هو عليه دين الله وسبيله { ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } المحرمات والمناهي والمعاصي التي ذكر في هذه ، و{ لعلكم تتقون } السبل والأديان المختلفة .

وأصله أن السبيل المطلق سبيل الله ، والدين المطلق دين الله والكتاب المطلق كتاب الله .


[7945]:- في الأصل وم: محرمات.
[7946]:- في الأصل: و، في م: أو.
[7947]:- في الأصل وم: وإلا.
[7948]:- في م: عليها.
[7949]:- من م، في الأصل: كغير.
[7950]:- في الأصل وم: تلك.