الآية 54 وقوله تعالى : { وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم } هذا يدل على أن النهي عن الطرد ليس للإبعاد خاصة في المجلس ، ولكن في كل شيء : في بشاشة الوجه واللطف في الكلام وفي كل شيء لأنه قال { فقل سلام عليكم } .
وقوله تعالى : { كتب ربكم على نفسه الرحمة } هو أن يبدأهم بالسلام ؛ فذلك الذي كتب على نفسه الرحمة . وقال بعضهم : قوله : { كتب ربكم على نفسه الرحمة } أي لم يأخذهم{[7140]} في أول ما وقعوا في المعصية ، ولكن أمهلهم إلى وقت ، وجعل لهم المخرج من ذلك بالتوبة . وعلى ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : فتح الله للعبد التوبة إلى أن يأتيه الموت .
وقوله تعالى : { أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم } أي كل { من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم } فإنه{[7141]} يغفر له ما كان منه . ومن قرأها بالنصب{[7142]} عطفه على { الرحمة }{[7143]} .
وجائز أن يكون قوله تعالى : { كتب ربكم على نفسه الرحمة } أي كتب على خلقه الرحمة أن يرحم بعضهم بعضا . وجائز ما ذكرنا أنه كتب على نفسه الرحمة أي أوجب أن يرحم ، ويغفر لمن تاب{[7144]} .
وقوله تعالى : { أنه من عمل منكم سوءا بجهالة } جائز أن تكون الآية في الكافر إذا تاب يغفر الله له ما كان منه في حال الكفر والشرك كقوله تعالى : { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم } الآية [ آل عمران : 135 ] وقوله تعالى : { إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } [ الأنفال : 38 ] .
وجائز أن تكون في المؤمن{[7145]} ، ثم ذكر عملا بجهالة ، وإن لم يكن يعمل بالجهل ، لأن الفعل فعل الجهل ، وإن كان فعله لم يكن على الجهل ، وكذلك ما ذكر من النسيان والخطإ في الفعل لأن فعله فعل ناس وفعل مخطئ ، وإن لم يفعله الكافر على النسيان والخطإ . وإلا لو كان على حقيقة الخطإ والنسيان لكان لا يؤاخذ به كقوله تعالى : { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به } لكن الوجه ما ذكرنا أن الفعل فعل نسيان وخطإ ، وإن لم يكن ناسيا ولا مخطئا فيه . وعلى ذلك فعل جهل ، وإن لم يكن جاهلا ، والفعل فعل جهل ، وإن لم يكن بالجهل .
والمؤمن جميع ما يتعاطى من المساوئ يكون لجهالة لأنه إنما يعمل/149-ب/ السوء لغير{[7146]} شهوة أو للاعتماد على كرم به بالعفو عنه والصفح عن ذلك ، أو يعمل السوء على نية التوبة والعزم عليها في آخره . على هذه الوجوه الثلاثة يقع المؤمن في المعصية . وأما على التعمد فلا يعمل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.