الآية 53 وقوله تعالى : { وكذلك فتنا بعضهم ببعض } وقوله { وكذلك } لا يتكلم إلا عن أمر سيق ؛ فهو ، والله أعلم ، يحتمل أن يقول لما قالوا : يا محمد أرضيت بهؤلاء الأعبد من قومك ؟ أفنحن نكون تبعا لهؤلاء . ونحن سادة القوم وأشرافهم ، فقال عند ذلك : { وكذلك فتنا بعضهم ببعض } أي كما فضلتكم على هؤلاء في أمر الدنيا ، فكذلك فضلتهم عليكم في أمر الدين ، ويكونون{[7134]} هم المقربين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمدنين مجلسهم إليه ، وأنتم أتباعهم في أمر الدين ، وإن كانوا هم أتباعكم في أمر الدنيا ، وذلك{[7135]} امتحان بعضهم ببعض .
ويحتمل وجها آخر ؛ وهو أن يقال : كما كان له امتحان كل في نفسه ابتداء محنة كقوله تعالى : { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } [ الأنبياء : 35 ] وكقوله تعالى : { وبلوناهم بالحسنات والسيئات } [ الأعراف : 168 ]ي وكقوله{[7136]} تعالى : { ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع } الآية [ البقرة : 155 ] ، فعلى ذلك له أن يمتحن بعضكم ببعض .
وأشد المحن أن يؤمر المتبوع ومن يرى لنفسه فضلا بالخضوع للتابع ومن هو دونه . عنده يشتد ذلك عليه ، ويتعذر كما{[7137]} كانوا يرون هم لأنفسهم الفضل والمنزلة في أمر الدنيا ، فظنوا أنهم كذلك يكونون في أمر الدين .
وعلى ذلك يخرج ، لما امتحن إبليس بالسجود لآدم رأى لنفسه فضلا عليه ، قوله{[7138]} : { أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } [ الأعراف : 12 و ص : 76 ] ، ولم ير الخضوع لمن دونه عدلا وحكمة ، فصار ما صار .
فعلى ذلك هؤلاء لم يروا أولئك الضعفة أن يكونوا متبوعين عدلا وحكمة ، [ وظنوا أنهم ]{[7139]} لما كانوا مفضلين في أمر الدنيا ، وكان لهؤلاء إليهم حاجة يكونون في أمر الدين كذلك ، ويقولون : { لو كان خيرا ما سبقونا إليه } [ الأحقاف : 11 ] ونحوه من الكلام .
وقوله تعالى : { ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا } قال بعضهم : هو موصول بالأول بقوله : { فتنا بعضهم ببعض ليقولوا } : يقول الكافر قول الكفر والمؤمن قول الإيمان ثم ابتدأ ، فقال هؤلاء : أي يقول الكفرة " { أهؤلاء من الله عليهم من بيننا } وقال بعضهم : قوله : { أهؤلاء من الله عليهم من بيننا } ليس بمفصول من قوله : { ليقولوا } ولكن موصول به { ليقولوا } يعني الكفرة { أهؤلاء من الله عليهم من بيننا } .
ثم يحتمل قوله : { أهؤلاء من الله عليهم من بيننا } بالحفظ بالتقريب والإدناء في المجلس وجعلهم متبوعين من بيننا بعد ما كانوا أتباعا لنا ؟ فقال عند ذلك : { أليس الله بأعلم بالشاكرين } أي عرف هؤلاء نعمة الله تعالى ، ووجهوا شكر نعمه إليه ، وأنتم وجهتم شكر نعمه إلى غيره بعد ما عرفتهم أنه هو المنعم عليكم والمسدي إليكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.