الآية 24 : وقوله تعالى : { فلينظر الإنسان إلى طعامه } كيف قدر له حين{[23143]} استعمل فيه السماوات والأرضين والهواء والشمس والقمر والليل والنهار ؛ فاستعمال السماء في إنزال المطر منها ، واستعمال الهواء في جعله{[23144]} مسلكا للمطر ، واستعمال الأرض في جعلها قرارا للمطر وإخراج {[23145]} منها ما فيه قوامهم ومنافعهم ، فيكون في ذكر هذا فوائد :
أحداها{[23146]} : في موضع التعريف للخلائق أن منشئ السماوات والأرضين ومنشئ الخلق والشمس والقمر واحد لاتصال منافع بعض ببعض ، إذ لو لم يكن كذلك لكان لمنشئ السماء أن يمنع منافع السماء عن خلق منشئ الأرض .
[ والثانية ]{[23147]} : فيه تذكير قوته وعجيب حكمته ليعلموا أنه قادر على كل ما يريد فعله ، لا يضعف عن ذلك ، ولا يعجزه شيء لأنه جمع بين منافع ما ذكرنا مع تناقضها واختلافها في نفسها ، فجعلها من حيث المنافع متسقة متفقة ، وجعل كل واحدة منهن كالمتصلة بالأخرى المقترنة بها مع بعد ما بينهما .
فمن قدر على الاتساق بين الأشياء ، وقدر على الوصل بين الأشياء المتباعدة بعضها عن بعض قادر على إحياء الأموات والبعث .
[ الثالثة : تذكيرهم ]{[23148]} هذا ليبين لهم حكمته وعلمه ليعلموا أنه لا يخلق عبثا ، ولا يتركهم سدى ، لا يستأدى منهم الشكر ، ولا يبعثهم ، بل ينشئهم ، ويميتهم فقط ، فيخرج خلقه على ما فيه خروج عن الحكمة .
[ الرابعة : أنه ]{[23149]} خلق البشر على وجه ، تمسهم الحاجات [ فيه ، وتمسهم ]{[23150]} الشهوات ، وقدر الطعام على وجه ، إذا تناول [ أحد ]{[23151]} منه دفع حاجته ، وسكن شهوته . ولو أراد أحد أيدرك{[23152]} المعنى الذي يعمل في دفع الحاجة وتسكين الشهوة ما هو ؟ لم يصل إلى تعرفه ، فيؤدي تفكره إلى رفع الشبه والاعتراضات التي تعتريه في أمر البعث . وغيره إذا كانوا يقدرون الأمر على قواهم ، ويسوّونها على ما ينتهي إليه تدبيرهم ؛ فإذا وجدوا في الطعام معاني ، هي خارجة عن تدبيرهم وقواهم ، علموا أن ليس الأمر على ما قدروا ، فيرتفع عنهم الريب والإشكال .
كذلك لو أرادوا أن يستخرجوا من الماء المعنى الذي به صلح أن تكون به الحياة الأشياء كلها مع اختلاف الأشياء وتفاوتها واختلاف طعومها وألوانها لم يمكنهم ذلك ، فيعلموا أن الذي بلغت حكمته هذا المبلغ قادر على ما يشاء { فعال لما يريد } [ هود : 107 و… ] ويكون في النظر في ما ذكر حاجته وافتقاره إلى غيره ، ويتبين أن الله تعالى لم ينشئ الخلق لحاجة نفسه ، وإنما خلقه لحاجة البشر إليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.