قوله تعالى : { فَلْيَنظُرِ الإنسان إلى طَعَامِهِ } .
قال ابن الخطيب{[59376]} : اعلم أنَّ عادة الله - تعالى - جارية في القرآن الكريم ، كلما ذكر دلائل الأنفس يذكر عقبها دلائل الآفاق ، فبدأ - هاهنا - بما يحتاج الإنسان إليه .
واعلم أنَّ النَّبْتَ إنَّما يحصل من القَطْرِ النازل من السماء الواقع في الأرض ، فالسماء كالذَّكر ، والأرض كالأنثى ، فبيَّن نزول السماء إلى الأرض بقوله : { أَنَّا صَبَبْنَا المآء } .
وقال القرطبي{[59377]} : لمَّا ذكر تعالى ابتداء خلقِ الإنسان ، ذكر ما يسَّر من رزقه ، أي : فلينظر كيف خلق الله طعامه الذي هو قوام حياته ، وكيف هيأ له أسباب المعاشِ ليستعد بها للمعاد ، وهذا النظر نظر القلب بالفكر ، والتدبر .
قال الحسنُ ومجاهدٌ : { فَلْيَنظُرِ الإنسان إلى طَعَامِهِ } أي : إلى مدخله ومخرجه{[59378]} .
روى الضحاكُ بنُ سفيان الكلابي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يَا ضحَّاكُ ، ما طَعامُكَ » ؟ قلت : يا رسول الله ، اللَحْمُ واللَّبنُ ، قال : «ثُمَّ يصيرُ إلى مَاذَا » ؟ قلت : إلى ما قد علمتهُ ، قال : «فإنَّ الله - تعالى - ضَرَبَ مَا يَخْرجُ مِنْ ابْنِ آدمَ مثلاً للدُّنْيَا »{[59379]} .
وقال أبو الوليد : سألت ابن عمر - رضي الله عنه - عن الرجل يدخل الخلاء ، فينظر ما يخرج منه ، قال : يأتيه الملك فيقول : انظر ما بخلت به إلى ما صار{[59380]} .
واعلم أنَّ الطعام الذي يتناوله الإنسان له حالتان :
إحداهما متقدمة ، وهي التي لا بد من وجودها حتى يدخل ذلك الطعام في الوجود .
والحالة الثانية متأخرة وهي الأمور التي لا بد منها في بدن الإنسان ، حتى يحصل الانتفاع بذلك الطعام ، فلما كانت الحالة الأولى أظهر للحسِّ ، لا جرم اكتفى الله تعالى بذكرها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.