تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَيَنقَلِبُ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ مَسۡرُورٗا} (9)

الآية 9 : وقوله تعالى : { وينقلب إلى أهله مسرورا } وقال في شأن الذي { أوتي كتابه وراء ظهره } { فسوف يدعوا ثبورا } { ويصلى سعيرا } : [ الآيات : 10 – 12 ] إنه كان في أهله مسرورا .

فهذا لأن المسلم إنما تأهل على قصد تحصيل النفع لنفسه في العاقبة ، وتكون معينة له على أمور الآخرة ، فحصل له ذلك النفع بإحرازه السرور الدائم بذلك . والكافر تأهل للمنافع الحاضرة ، وسر بأهله{[23363]} سرورا ، أنساه السرور أمر العاقبة ، فحق عليه العذاب لتركه السعي للآخرة لا لسروره بأهله ، وهو كقوله تعالى : { من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد } الآية [ الإسراء : 18 ] .

والكل منا يريد العاجلة ، ولا بد له منها ، لكن الذي يصلى جهنم ، هو الذي ابتغى العاجلة ابتغاء أنساه ذلك الآخرة{[23364]} ، فكذلك المسرور بأهله ، إنما حلت به النقمة لما منعه السرور عن النظر للعاقبة لا لنفس السرور ، إذ كل متأهل ، لا يخلو عن السرور بأهله ، والله أعلم .


[23363]:في الأصل وم: بهم.
[23364]:أدرج قبلها في الأصل وم: ذلك على.