ألا ترى أنه قال في الآية التي تلي[ في الأصل وم : تتلو ] هذه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ ) ؟ قال بعضهم : الآية في المنافقين الذين تخلفوا عن رسول الله في غزوة تبوك كقوله : ( وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدنية ) الآية[ التوبةك101 ] فيُفهم [ من ][ ساقطة من الأصل وم ] ذكر ذلك الوعيد .
وقال بعضهم : الآية في المؤمنين أمروا أن ينفروا ( فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ ) قيل : استثقلتم النفر في سبيل [ الله ][ من م ، ساقطة من الأصل ] وأقمتم . ويحتمل التثاقل ، وهو[ الواو ساقطة من الأصل وم ] أن يروا من أنفسهم الثقل من غير أن قاموا كما يقال : يتصامم ، ويتعامى من غير أن كان به الصمم أو العمى ، ولكن لما يرى من نفسه ذلك .
وقال بعض أهل الأدب : قوله : ( أثاقلتم )[ أي تثاقلتم ][ من م ، ساقطة من الأصل ] وركنتم إلى المقام ، وذلك في القرآن كثير كقوله : ( حتى إذا ادراكوا فيها جميعا )[ الأعراف : 38 ] أي تداركوا .
وقوله تعالى : ( أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ ) أي ما منعكم في الدنيا قليل بما وعد أن يمتعكم في الآخرة .
أو أن يقال : متاع الحياة الدنيا من أولها إلى آخر ما تنتعي أقل[ في الأصل وم : قليل ] من متاع الآخرة وكراماتها لأن كرامات الدنيا على شرف الزوال وكرامات الآخرة على الدوام أبدا .
أو أن يقول : متاع الحياة الدنيا أقل[ في الأصل وم : قليل ] من متاع الآخرة لأن متاع الدنيا ومنافعها تشوبه الآفات والمضرات ، ومتاع الآخرة لا تشوبه الآفات والمضرات .
قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) الآية عاتب المؤمنين بالتثاقل والإخلاد[ في الأصل وم : بالخروج ] إلى الأرض ونهاهم عن الركون إلى الدنيا .
وقوله تعالى : ( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ) أي لما أحدث أولئك الملوك من تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله زيادة في كفر أولئك أحدثوا من وقت إحداثِهِم .
وقوله تعالى : ( يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) يحتمل وجهين : يحتمل ( يضل به الذين كفروا ) أي يهلك به الذين كفروا أي الذين أحدثوا . أو يحتمل ( يضل به الذين كفروا ) أي ما أحدث أولئك الملوك إنما أحدثوا ليضل به الأتباع ، يحلونه .
فأما ما ذكر في القصة أنهم كانوا يستحلون المحرم عاما ، فيصيبون فيه الدماء والأموال ، ويحرمونه عاما فلا يستحلون فيه الدماء والأموال .
وقوله تعالى : ( لِيُوَاطِئُوا/213-ب/ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ) قيل ليوافقوا عدة ما حرم الله : كان عندهم أن التحريم إنما كان بعدد الأشهر للأشهر ، فحفظوا عدد الأشهر ، ولم يحفظوا الوقت . وذلك تأويل قوله ( لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ) أي زين تأخير المحلل وتقديم المحرم ( والله لا يهدي القوم الكافرين ) قيل : ل يهديهم وقت اختيارهم الكفر ، أو لا يهديهم في الآخرة طريق الجنة لكفرهم في الدنيا . وقد ذكرنا تأويله في غير موضع .
قال أبو عوسجة : النسيء التأخير ؛ يقال : نسأت الشهر أي أخرته ، ويقال : أنسأ الله في أجلك أي أخر الله ، وقوله : ( ليواطئوا ) والمواطأة : أن يدخلوا شهر مكان شهر ، وهو التتابع ؛ يقال : تواطأ القوم على حديث كذا وكذا أي تتابعوا ، وواطأت فلانا أي تابعته .
وقال القتبي : النسيء التأخير ، وكانوا يؤخرون تحريم المحرم منها سنة ، ويحرمون غير مكانة لحاجتهم إلى القتال فيه ، ثم يردونه إلى التحريم في سنة[ في الأصل وم : صفة ] أخرى ؛ كأنهم يستنون ذلك ليواطئوا أي ليوافقوا عدة ما حرم الله بقول : إذا حرموا من الشهور عدد الشهور المحرمة لم ينالوا أن يحلوا الحرام ، ويحرموا الحلال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.