تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يُرِيدُونَ أَن يُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَيَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (32)

وقوله تعالى : ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا/212-ب/ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ ) قيل : نور الله ذكر الله وتوحيده ، وقيل : نور الله القرآن ، وقيل : نور الله هو الإسلام . فإذا كان النور هو الذكر والتوحيد فهو ، والله أعلم ، إنهم لم يكونوا يعرفون ذكر الله ، ولا يذكرونه ، إنما كانوا يعرفون ذكر الأصنام ، وإياها يذكرون[ في الأصل وم : يذكرونها ] ، وبحق القرابة والرحم يتناصرون [ في ما ][ في الأصل وم : فيها ] بينهم فلما أن بعث [ الله ][ من م ، ساقطة من الأصل ] رسوله محمدا [ وأمر ][ ساقطة من الأصل وم ] بذكر الله وتوحيده ، وأمر بالتناصر بحق الدين وأرادوا أن يطفئوا ذلك النور . ومن أراد بنور الله القرآن أرادوا إطفاءه كقوله تعالى : ( ما هذا إلا أساطير الأولين )[ الأحقاف : 17 ] وقوله[ في الأصل وم : و ] : ( إن هذا إلا سحر مبين )[ المائدة : 110 ] وقوله[ في الأصل وم : و ] : ( لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه )[ فصلت : 26 ] ونحوه . أرادوا إطفاءه بنحو ما ذكروا[ في الأصل وم : ذكرنا ] : ( ما هذا إلا إفك مفترى )[ سبإ : 43 ] وقولهم : ( إنما يعلمه بشر ) الآية[ النحل : 103 ] ومن قال : نور الله هو الدين كقوله : ( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه )[ الزمر : 22 ] وقوله[ في الأصل وم : فقال ] تعالى : ( الله نور السموات والأرض مثل نوره )[ النور : 35 ] وفي [ الواو ساقطة في الأصل وم ] حرف أبي : مثل نور المؤمن ، ومثله ، أرادوا إطفاء هذا النور لتسلم لهم المنافع التي كانت لهم .

وقوله تعالى : ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا ) يحتمل وجهين : [ يحتمل ][ ساقطة من الأصل وم ] ( يُرِيدُونَ أَنْ ) يجتهدون أن يطفئوه ، فما يقدرون على إطفائه . ويحتمل ( يريدون أن ) أي يحتالون أن يطفئوه بأسباب يتكلفون ، ويحتالون .

وقوله تعالى : ( وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ ) بالحجج والبراهين أي بالنشر والإظهار ، وقد أتمه كقوله : ( اليوم أكملت لكم دينكم )[ المائدة : 3 ] وقوله تعالى ( وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) وقد كره الكافرون .