النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

قوله تعالى : { وَقَالُواْ : قُلُوبُنَا غُلْفٌ } فيه تأويلات :

أحدهما : يعني في أَغْطِيَةٍ وَأَكِنَّةٍ لا تفقه ، وهذا قول ابن عباس ، ومجاهد وقتادة ، والسدي .

والثاني : يعني أوعية للعلم ، وهذا قول عطية ، ورواية الضحاك عن ابن عباس .

{ بَّل لَّعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ } وَاللَّعن الطرد{[173]} والإبعاد ، ومنه قول الشماخ :

ذعرتُ به القطا ونفيتُ عنه *** مقام الذئب كالرجل اللعين

ووجه الكلام : مقام الذئب اللعين كالرجل .

في قوله تعالى : { فَقَليلاً مَّا يُؤْمنُونَ } تأويلان :

أحدهما : معناه فقليل منهم من يؤمن ، وهذا قول قتادة ، لأن مَن آمن من أهل الشرك أكثر ممن آمن مِنْ أهل الكتاب .

والثاني : معناه فلا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم{[174]} ، وهو مروي عن قتادة . ومعنى { مَا } هنا الصلة للتوكيد كما قال مهلهل :

لو بأبانين جاء يخطبها *** خُضَّب ما أنف خاضب بدم{[175]}


[173]:- والمعنى: أبعدهم الله من رحمته.
[174]:- أي ويكفرون بأكثره، وقال الواقدي المعنى: لا يؤمنون قليلا ولا كثيرا.
[175]:- الكامل 2/ 68، ومعجم ما استعجم 96، وشرح شواهد المغني 247 وغيرها. قال أبو العباس: أبان جبل، وهما أبانان: أبان الأبيض وأبان الأسود. قاله مهلهل، وكان نزل في آخر حربهم- (البسوس) في جنب بن عمر وهو مذجج، وجنب جي من أحيائهم وضيع، وخطبت ابنته ومهرت أدما فزوجها، وقال قبله: أنكحها فقدها الاراقم في جنب وكان الحباء من أدم تفسير الطبري 2/ 330 بتحقيق الشيخ محمود شاكر.