النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتۡ لَهُم مِّنَّا ٱلۡحُسۡنَىٰٓ أُوْلَـٰٓئِكَ عَنۡهَا مُبۡعَدُونَ} (101)

قوله عز وجل : { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الْحُسْنَى } فيها ثلاثة تأويلات :

أحدها : أنها الطاعة لله تعالى ، حكاه ابن عيسى .

والثاني : السعادة من الله ، وهذا قول ابن زيد .

والثالث : الجنة ، وهو قول السدي .

ويحتمل تأويلاً رابعاً : أنها التوبة .

{ أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } يعني عن جهنم . وفيهم ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنهم عيسى والعزير والملائكة الذين عُبِدوا من دون الله وهم كارهون وهذا قول مجاهد .

الثاني : أنهم عثمان وطلحة والزبير ، رواه النعمان بن بشير عن علي بن أبي طالب .

الثالث : أنها عامة في كل من سبقت له من الله الحسنى .

وسبب نزول هذه الآية ما حكي أنه لما نزل قوله تعالى : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دَونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } ، قال المشركون : فالمسيح والعزير والملائكة قد عُبِدُوا ، فأنزل الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مَّنَّا الْحُسْنَى أُولئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ{[1998]} } يعني عن جهنم ، ويكون قوله : { مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } محمولاً على من عذبه ربه .


[1998]:أخرجه الحاكم عن ابن عباس.