تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتۡ لَهُم مِّنَّا ٱلۡحُسۡنَىٰٓ أُوْلَـٰٓئِكَ عَنۡهَا مُبۡعَدُونَ} (101)

الآية 101 : [ وقوله تعالى ] {[12831]} : { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى } قال عامة أهل التأويل : إنه لما نزل قوله : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } [ الأنبياء : 98 ] قالت الكفرة : عن عيسى وعزيرا والملائكة قد عبدوا من دون الله ، فهم حصب جهنم ، فنزل قوله : { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى } استثنى من سبق له الحسنى منه ، [ وهم عيسى وعزير والملائكة ] {[12832]} وكذلك في حرف ابن مسعود : إلا الذين سبقت لهم منا الحسنى على الاستثناء .

عن علي رضي الله عنه [ أنه ] {[12833]} قال : { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى } الآية ذلكم عثمان وطلحة والزبير ، وأنا من شيعة عثمان وطلحة والزبير . ثم قال : { ونزعنا ما في صدورهم من غل } الآية [ الأعراف : 43 والحجر : 47 ] .

ولكن قد ذكرنا الوجه فيه . فإن{[12834]} ثبت أنه نزل بشأن هؤلاء ، وإلا فهو لكل من سبق من الله الحسنى .

ثم الحسنى تحتمل الجنة كقوله : { فأما من أعطى واتقى } { وصدق بالحسنى } [ الليل : 5 و6 ] أي بالجنة فعلى ذلك قوله : { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى } وتحتمل الحسنى السعادة والبشارة بالجنة وثوابها .

وقوله تعالى : { أولئك عنها مبعدون } أي لا يعودون إليها أبدا . ليس على بعد المكان كقوله : { أولئك في ضلال مبين } [ الزمر : 22 ] أي لا يعودون إلى الهدى أبدا . أو يكون قوله : { عنها مبعدون } مكانا .

لكن قد ذكر في آية : { فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون } { على الأرائك ينظرون } [ المطففين : 34 و35 ] وقال في آية : { فاطلع فرآه في سواء الجحيم } [ الصافات : 55 ] ولا نعلم هذا : أنه يجعل في قوى أهل الجنة أنهم متى أرادوا أن ينظروا إلى أولئك ، ويروهم ، يقدروا على ذلك ، أو تقرب النار إليهم ، فينظروا إليهم ، والله أعلم . والأول أشبه ، أنهم لا يعودون إليها أبدا .


[12831]:في الأصل و م: أنين فيه.
[12832]:في الأصل و م:وهو عيسى والملائكة.
[12833]:ساقطة من الأصل و م.
[12834]:من م، في الأصل: قال.